ولقد صدق الشنفرى وأفصح , وللطرق ذلل وأوضح , فإن هذه من الخصال الرديئة المذمومة , فالائق بمن كرمت نفسه أن يتعهد الأوصاف المحمودة الموسومة , فيتخلق بها , ويزايل النعوت القبيحة ولا يندم , وما بين ذوي المجد إن نطق فلا يتعلثم , ولا سيما ما يتعلق بالأكل , فإن محموده محمود في الغاية , ومذمومه مذموم بلا نهاية , قال بعض (3) الشعراء مخاطبا زوجته: [من الكامل] لا تجزعي إن منفسا أهلكته ... فإذا هلكت فعند ذلك فاجزعي
وإذا أتوك إخوتي فدعيهم ... يتعللوا بالعيش أو يلهو معي
لا تطرديهم عن فراشي إنهم لابد يوما إن سيخلو مضجعي (1)
وقال الآخر (2): [من الطويل]
أبا ابنة عبدالله وابنة مالك ... ويا ابنة ذي البردين والفرس الورد
إذا ما صنعت الزاد فالتمسي له ... أكيلا فإني لست آكله وحدي
قصيا كريما أو قريبا فإنني ... أخاف مذمات الآحاديث من بعدي
وإني لعبد الضيف ما دام نازلا ... وما لي خلال غيرها شيمة العبد
تكميل:
مما ورد في إكرام الضيف إن من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , مروا بحي من أحياء العرب فلم يضيفوهم , فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , واغتابوا ذلك الحي , فقال بعض الحاضرين , لا تغتابوا , فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ليست غيبة فإن لهم حقا عليهم) (3) , وقال الله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ... } (4) , قال المفسرون (5): إن المراد بالمظلوم هنا الضيف.
Page 137