راغبا أو راهبا: حالان من ضمير امرىء الذي في سرى، أو منه، لتخصيصه بالوصف وبالجملة، والأول أظهر فتأمل. [من الرجز]
والحال وصف، فضلة منتصب، ... مفهم في حال كفردا أذهب
قاله ابن مالك في ألفيته (1)، وفيه كلام محل بسطه كتب النحو (2).
وهو: الواو للحال، وليست بواجبة الذكر في مثل هذا التركيب، لتقدم الحال المفردة، وهو مسوغ لترك الواو عن الجملة الإسمية إذا وقعت حالا، كقوله (3): [من السريع]
الله يبقيك لنا سالما ... برداك تعظيم وتبجيل (4)
والضمير الذي بعده مبتدأ، وجملة يعقل هو الخبر.
والكبرى: إما حال من امرىء لتخصيصه بالصفة أو من ضميره، وعلى كليهما تكون مترادفة، أو أنها من ضمير راغبا أو راهبا، فتكون متداخلة، والترجيح إليك، فعليك به والسلام عليك (5).
المعنى:
لقد أبدع الشنفرى وأملح وأفصح وأوضح، حيث جرد من نفسه شخصا عذله عن الأسفار، وأنكر عليه ترك الأوطان والديار، وإن الاغتراب اكتئاب، والغربة كربة ومصاب، والنائي عن أهله وعشيرته يكون ذليلا، ولو كان موشحا بالإمارة أو ملكا جليلا، والمرء في نادي قومه مرتاح، وفي العزلة عنهم لا يرى الفلاح، وإذا تذكر الأوطان [10و] تضيق عليه الأراضي، وإن ملك الدنيا، فهو ليس براض. فعند ذلك نصب نفسه للجواب، ولم يعبأ بالعتاب، مقسما وطالبا للعزلة والإنتقال، ومحققا وراغبا لقوله في ميدان الهجرة وقطع الآمال:
Page 106