وفيما هو ماسك بها وهي تدافع عن نفسها بشهامة ويأس، إذ فتح الباب فجأة وولج منه رجل، فبدلت صراخ اليأس بصيحة الفرح، وقد علمت أن العناية بعثت إليها بمن ينقذها من هذا الوحش الضاري، ولكن بيرابو لم يتبين وجه هذا الرجل حتى جمد الدم في عروقه، وتمتم قائلا: السير فيليام!
وكان هذا الرجل هو نفس السير فيليام أي أندريا، فدخل وبيده مسدس أشهره على بيرابو الذي أحنى رأسه عندما عرفه، وهو يكاد يذوب من الخجل، فمشى إليه بعظمة واحتقار، ثم رجع إلى سريز وقال: لا تخشي أيتها الفتاة، ولا بأس عليك، إن الله أرسل إليك من يصون طهارتك، وينقذك من أيدي الأشرار.
ثم رجع خطوة إلى الباب ونادى قائلا: كولار.
ودخل كولار في الحال من الباب الذي دخلت منه سريز، فعرفته أنه صديق خطيبها، فركضت إليه واحتمت به كما يحتمي الطفل بأمه في مواقف الخوف.
فقال له أندريا: إني أعهد إليك بإرجاع هذه الفتاة إلى منزلها، وإذا أصيبت بمكروه أنت المسئول عنها.
وتكلف كولار الانذهال، وقال: إنها بالحقيقة السيدة سريز كما أخبروني.
وقد اكتفى بما ذكره، ولم يوضح شيئا من مقاله، وأخذ بيدها فخرجا من ذلك المنزل وهي واثقة به مزيد الثقة، وداعية للسير فيليام. (15) الميثاق
بعد أن ذهبت سريز مع كولار بقي أندريا مع بيرابو في الغرفة نفسها، وقد لبثا هنيهة ينظر كل منهما إلى الآخر نظرة الأعداء في ساحة القتال، إلى أن ذهب أندريا وأوصد الباب، وعاد إلى بيرابو فقال: يخال لي يا سيدي أنك المسيو بيرابو رئيس قلم في وزارة الخارجية، وأنك والد السيدة هرمين التي تشرفت بالرقص معها ليلة أمس، وإني أراك اليوم في منزل مشتبه تحاول اغتصاب فتاة شريفة وتلقي بنفسك إلى ...
فقاطعه بيرابو وقال: ماذا يعنيك؟ - أنا لا يعنيني ذلك أبدا، ولكن يجب أن تعلم أن هذه الفتاة في السابعة عشرة من عمرها، وأنك قد حاولت اغتصابها قهرا وغلابا، وهذا الذنب من أكبر الجرائم وما وراءه غير السجن. أفهمت الآن؟
وأصغى إليه بيرابو وهو ينظر بملء الخوف إلى المسدس في يده، فأتم أندريا حديثه وقال: ولكي تصل إلى هذه النتيجة، أي لكي تبدل ثيابك التي تدل على منصبك العالي بثياب المجرمين، وتستعيض عن تلك النياشين التي تعلقها على صدرك بقيد يوضع في رجلك، ويستحيل اسمك الذي هو رئيس قلم في وزارة الخارجية إلى اسم مجرم مغتصب، لا ينبغي إلا شاهدان يشهدان أمام القاضي على جرمك الفظيع. - إذن أنت تريد هلاكي؟ - إن أمر هذه الفتاة يهمني، وسأشهد مع كولار على ما رأيناه.
Unknown page