فقال شاروبيم: كلا، إني لا أرجع عنه. - إذن إنك تقبل شرطي، إلا إذا كنت تخشى الفشل بالرهان. - أقبل بشرطك.
وأقبل الجميع على شاروبيم يسألونه التروي والإمعان، ولكنه بقي مصرا على ما قال، إلى أن رأى روكامبول أنه قد استفحل، وأن هزله قد انقلب إلى جد، فتقدم من الكونت الروسي وقال له: إن المسيو شاروبيم نسي حين راهنك يا سيدي على حياته، أنه مقيد بتعهد لا يستطيع الإفلات منه، ورجائي أن لا تعتبر هذا الرهان جديا إلا بعد أن أخلو هنيهة معه، وأخابره بشأن خاص. - ليكن ما تريد.
فأخذ روكامبول شاروبيم ودخل به إلى إحدى غرف النادي وقال له: ويحك ماذا فعلت؟ أتخاطر بحياتك من أجل مبلغ من المال ستربح ضعفه دون عناء؟ وبعد فكيف تخاطر بحياتك وهي ليست لك!
فدهش شاروبيم وقال: إذا لم تكن حياتي لي، فلمن تكون؟ - إنها لنا، أي للجمعية، فإذا لم يأذن لك الرئيس بعقد هذا الرهان فلا حق لك بعقده. - ولو رفض هذا الريئس وأبيت الامتثال، فماذا يكون؟ - يكون أنك لا تنال الموت من مسدس روسي بل من خنجر فرنسي، ولا أعلم من يقتلك، ولكنك إذا أبيت الامتثال فإنك مائت لا محالة. - ومتى يصدر أمر الرئيس؟ - في الغد. - إذن أنتظر للغد.
وعاد به روكامبول إلى القاعة وقال للروسي: لقد قضي الأمر يا سيدي. - كيف؟ أبالرفض أم بالقبول؟ - لا هذا وذاك، ولكنه سيتمعن في هذا الشأن إلى الغد. - إني أمهله إلى الغد، بشرط أن يحق لي زيارة باكارا في المساء. - يحق لك ذلك.
فأخذ الروسي يد صديقه البارون ثم حيا الحاضرين وانصرف.
وبعد ذلك خرج روكامبول وشاروبيم، ثم افترقا على أن يحمل إليه روكامبول جواب الرئيس في الغد، فذهب روكامبول إلى منزله فوجد أندريا ينتظره فيه، فسر روكامبول لرؤياه وقال: لدي أمور خيرة يجب إطلاعك عليها. - ما هي؟ - أولا، إن باكارا خلعت ثوب التوبة وعادت إلى حياتها القديمة. - عرفت ذلك فما لديك أيضا؟ - شاروبيم يريد أن يراهن على حياته، وقد أوقفت هذا الرهان إلى أن أستشيرك.
ثم أخبره بجميع ما حدث، فقطب أندريا جبينه ثم خاض في تأملات عميقة إلى أن استقر على رأي، فقال: ليعقد هذا الرهان، فلا ضرر فيه علينا.
فدهش روكامبول وقال: كيف ذلك؟ - ذلك أنه قبل أن تحضر كنت أفكر في طريقة لقتل باكارا، فلما أخبرتني بهذا الرهان وجدت الطريقة.
ثم أمره أن يخبر شاروبيم أن الرئيس يأذن له بقبول الرهان، وانصرف تاركا روكامبول في أشد الانذهال لما يحيط به من الأسرار.
Unknown page