فاضطربت باكارا وقالت: وأنا أرى ما ترينه، فإن توبته كاذبة وستفضحها الأيام؛ فاذهبي الآن كي أرى ما يريد، واطمئني فإن نفور زوجك لا يطول.
وذهبت سريز فدخل في إثر ذهابها أندريا، فسلم على باكارا ووقف وعيناه مطرقتان إلى الأرض، إلى أن أمرته بالجلوس فجلس بإزائها وجعل كل منهما ينظر إلى الآخر نظر من يفحص خصمه قبل القتال كي يعلم مبلغ قوته وإذا كان كفؤا له.
وساد السكوت بينهما إلى أن افتتحت باكارا الحديث فقالت: هل اكتشفت شيئا من أمور الجمعية السرية؟
فأجابها: نعم، وأخص ما علمته أن معظم أعضائها من النساء، وأنها ترتكب من المنكرات الفظيعة ما لا يخطر في بال، وأن رئيستها امرأة.
فدهشت باكارا وقالت: من هي هذه المرأة؟
فقال أندريا: أصغي إلي ودعيني الآن أخبرك بما أتيت من أجله، فإن رجلا ينبغي علي وعليك أن نحبه بقدر ما أسأنا إليه، في خطر شديد.
فاختلج فؤاد باكارا وقالت: من عسى أن يكون هذا الرجل، ألعله فرناند؟
فأطرق إطراق الأسف والحزن وقال: هو يا سيدتي بعينه.
فجزعت باكارا وصاحت: رباه! ماذا أصابه أهو مريض؟ قل أي خطر تعني؟ - كلا ما هو بمرض، ولكنه وقع في شرك تلك الجمعية الهائلة، فسلطت عليه امرأة أحبها حبا مبرحا.
وكأن الصاعقة قد انقضت على باكارا؛ فقد تأججت في فؤادها براكين الغيرة، وهاجت مكامن حبها القديم حتى أوشكت أن يغمى عليها، وذلك أنها كانت لا تزال تهوى فرناند، ولكنها شغلت عن هواه بعد زواجه بتوبتها الصادقة، فلما رأته قد نقض عهد الزوجية ثار حبها القديم، حتى أوشكت أن تنقض عهد التوبة.
Unknown page