209

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genres

ولنعد الآن إلى لوسيان وصديقه الشفالييه، فإنهما بعد أن أمر الشفالييه خادميه بالذهاب بداغوبير إلى القبو سار الفارسان في طريق الدير، فقال لوسيان لرفيقه: قل لي الآن ماذا فعل بنوات؟ - أراد خيانتنا. - هذا محال، فقد عرفت الفتى حق المعرفة.

وأخبره الشفالييه بجميع ما اتفق إلى أن قال له: إن الأحدب عرف من آثار الأقدام في الطريق الذي نصب فيه الفخ أنها آثار البيطري، وأن الفخ قد نصب له فأبى الرضوخ لأن البيطري صديقه.

فلما علم لوسيان أن الأحدب صديق داغوبير وهو كان يرسله بمهمات إليه بات يكره الاثنين، وقال لصديقه: لقد أحسنت كل الإحسان؛ لأن عوام الشعب باتوا متفقين علينا يتآمرون على التنكيل بنا كل يوم، وهذا ما جرته علينا أفكار الفلاسفة التي تساهلت الحكومة في أمر نشرها، فكانت وبالا علينا نحن النبلاء، وأخذت تنتشر بين هذا الشعب.

إلا أن لوسيان لم يكن يرتئي رأي رفيقه فلم يناقشه في هذا الموضوع، وسأله عما فعل بالأحدب فأخبره.

وسأله: وماذا تصنع بداغوبير؟ - كما صنعت بالأحدب. - لعلك تطيل سجنه؟ - إلى أن يتم عقد زواجك بحنة، فإنه إذا خرج من السجن قبل الزواج ذهب إلى رئيس الدير وأخبره بما اتفق، فأفسد عليك الأمر؛ لأن الأب جيروم إذا وقف على الحقيقة قبل فوات الأوان، ذهب إلى رئيس الدير العام فأقام الدنيا وأقعدها واسترجع منك الفتاة.

وعلى ذلك يجب أن نحتاط كل الاحتياط، وإني واثق من رجالي ولا خوف من إفلات البيطري والأحدب، فإذا أحسنت السلوك كانت حنة طوع إرادتك بعد ساعة وتذهب بها إلى أمك، وفي اليوم التالي تسافر بها إلى باريس. - إذن ستحتفظ بداغوبير والأحدب؟ - نعم. - ولكنك لا تسيء إليهما؟ - أعدك وعد صادق. - إذن أنا ذاهب إلى حنة.

فنظر الشفالييه في ساعته وقال: كلا، لم يحن الوقت بعد؛ إذ يجب أن ننتظر حتى يبدأ الرهبان بصلاة الفجر.

فتنهد لوسيان وتاه في فيافي التصورات، وكان يحسب كل ما هو فيه حلما؛ لأنه سيختطف حنة وقد أسر البيطري ووافقت أمه على زواجه، وكل ذلك لم يكن يخطر له في بال.

ثم إنه مضى به ثمانية أيام لم يقف في خلالها على شيء من أخبار ابنة عمه أورور.

وكان يفكر في جميع هذه الأمور وهو ساهي الطرف، والشفالييه ناظر إليه يقرأ أفكاره ولا يكلمه إلى أن نظر لوسيان إليه فجأة، وقال له: إني خائف أيها الصديق. - مما الخوف؟ - أخشى ألا توافقني حنة على الفرار؛ لأنها تحترم داغوبير أشد الاحترام. - ولكنها تحبك أشد حب. - هو ذاك، ولكنها ربيت تربية دينية، وهي تعتبر داغوبير قيما عليها، فأخاف أن يغلب دينها حبها فيمنعها عن ارتكاب هذه الهفوة. - إذن قل لها الحقيقة، وهي أنها ضحية الرهبان وأن داغوبير آلة في أيديهم. - وإذا أصرت على الإباء؟ - عندها ترجع إلي ونختطفها بالقوة، ومتى وصلت إلى منزلك ورأت أمك يخف ما عندها؛ إذ توقن عندئذ من نبالة قصدك. - سأذهب على بركة الله وليفعل الله ما يشاء.

Unknown page