فقالت الكونتس: ائذن لي بكلمة أيها الشفالييه، وهي هل بات البيطري في قبضتك؟ - سيكون في قبضتي بعد ساعة.
ثم التفت إلى لوسيان وقال: هلم بنا.
فامتثل، وخرج الاثنان حتى إذا ركبا جواديهما قال الشفالييه: إني لا أقتصر على نيلك مرادك ممن تحب، بل إني أريد الانتقام لك ممن أساء إليك دلالة على إخلاصي في صداقتك، فإنك لا تزال تذكر الماء البارد الذي صبه البيطري عليك، أما انتقامي منه فإني اصطدته كما يصطادون الثعالب بالفخاخ.
وهنا قص عليه كيف نصب الفخ للبيطري، فارتعد لوسيان وقال: لا أنكر استيائي من هذا الرجل، على أني لا أريد أن يبلغ انتقامي منه هذا الحد، فإني أريد تأديبه لا قتله وهذا الفخ يخنقه دون شك. - كلا، فقد نصبته بشكل إذا سقط فيه تقيدت رجلاه دون أن يصاب بأذى، فاطمئن بالا فما زلت من المشفقين.
وسار الاثنان حتى قربا من موضع الفخ، فصفر الشفالييه ولم يكد يدوي صفيره في تلك الغابة حتى أجيب بمثله، وهي إشارة اتفق عليها مع خادميه فأيقن أن داغوبير بات في قبضتيهما، وأطلق لفرسه العنان وهو يقول للوسيان: اتبعني فقد سقط في الفخ.
فتبعه حتى وصلا إلى حيث كان الخادمان، فوجدا أنهما قيدا داغوبير وكمماه وألقياه إلى الأرض.
وكان يضرب الأرض برأسه ويئن أنينا مزعجا كأنه يحاول الانتحار ليأسه فلا يجد إلى الموت سبيلا.
فدنا منه الشفالييه وقال له بلهجة الساخر: أرأيت نتيجة الاعتداء على النبلاء أيها الوقح؟
فنظر داغوبير إلى محدثه ورأى على نور القمر وجه لوسيان، فهاج ثائره وتحرك حركة عنيفة فكاد يقطع قيده، ثم أدرك عجزه فنظر إلى لوسيان نظرات تتقد بنار الغضب وعاد يضرب برأسه الأرض.
فدنا لوسيان من الشفالييه وهمس بأذنه قائلا: أول ما أشترطه أيها الصديق ألا يساء إلى هذا المنكود بشيء فقد كفاه ما يلقاه. - لا فائدة لنا من الإساءة إليه، وإنما نريد إقصاءه، وسأحبسه في القبو مع الأحدب.
Unknown page