فلم تجبها النورية، ولكن أخذت ورقة وقلما ورسمت على الورقة الخاتم أصدق رسم وعرضته على الكونتس.
فلم تكن الكونتس تراه حتى صاحت صيحة دهش وقالت: إن هذا خاتم الكونت دي مازير، عرفته من رسمه الغريب. - أي كونت؟ - الكونت الذي احترق بهذا القصر. - إذن، لقد أحسنت بذهابي إلى هذا البيطري؛ إذ لولا هذه الزيارة لما علمنا بأمر الخاتم. - ولا بد لنا من الحصول على الخاتم مهما كلفنا ذلك من الجهد والمشاق؛ إذ لا بد أن يكون في جوفه ورقة مكتوبة. - وما تظنين أنه يوجد في هذه الورقة؟ - لا شك أنها تتضمن الإرشاد إلى موضع الصندوق الذي نبحث عنه فلا نجده، وقد اتهمت والد أورور واتهمني بسرقته. - إنك ذكرت لي الشفالييه دي فولون منذ هنيهة، وهو رجل ثابت العزم جدير بالإقدام على كل أمر في سبيل غايته. - أترين أن له غاية؟ - نعم، فهو مفتون بمدموازيل أورور. - أواثقة مما تقولين؟ - كل الثقة. - إذن لقد اتضح لي الأمر، فإن اختصام ولدي مع ابنة عمه كان بمكائد الشفالييه، ولكن كل ذلك يفيد يا تنوان إذا كانت ربيبة الدير هي حقيقة ابنة الكونت دي مازير.
لقد قلت لك إن من يراها لا يفرق بينها وبين أمها كريتشن.
فاضطربت الكونتس وقالت: لا تذكري أمامي هذا الاسم. - ليكن ما تريدين، ولكن ثقي أنها ابنتها. - إذا كانت هي ابنتها وكان الخاتم هو الذي أعرفه، وكان الأب جيروم هو الذي كان يدعى أموري من قبل، فأنا أخبرك بما ينبغي أن يكون قد حدث. - إني مصغية إليك. - لقد عرفت أن اثنين كانا يحبان والدة الفتاة؛ أحدهما أموري وهو رئيس الدير، والثاني رجل يدعى راوول لم تعرفيه، ولا بد أن يكون راوول نفس الرجل الذي جاء بالفتاة إلى الأب جيروم فأودعها عند داغوبير، أما الخاتم فإنه يتضمن دون شك سر الصندوق، فمن ناله نال ذلك المال، ولكن يجب أن نحذر ونتوقع عودة راوول. - ماذا ترين أن نصنع؟ - إن ولدي يحب حنة وحنة تحبه، أليس كذلك؟ - حبا ليس بعده حب. - إذن يجب أن يتزوجا. - وهذا الذي أراه. - وإن الشفالييه سيكون لنا خير معين في هذه المهمة، ولا يجب أن يعلم شيئا من سرنا، ولكني لا أعلم كيف نستطيع استخدامه في أغراضنا دون أن يعلمها.
فابتسمت النورية وقالت: اطمئني يا سيدتي ودعيني أكون الفكر المرشد وتكوني اليد العاملة.
وعند ذلك نقر باب الغرفة نقرا خفيفا، ودخل لوسيان وهو مصفر الوجه وكل ما به يدل على الاضطراب، فذعرت أمه لما رأته وقالت له: ماذا حدث؟
قال: أحب أن أكلمك في خلوة يا أماه.
فأشارت الكونتس إلى تنوان إشارة، فانصرفت وقالت لابنها: اجلس بجانبي وأخبرني بماذا حدث. - إن نافذة غرفتي تشرف على البستان كما تعلمين، وقد رأيت في صباح اليوم من تلك النافذة تنوان داخلة إليه بمركبة، ورأيت على عجلات المركبة وحلا أصفر لا يوجد منه إلا في الغابة، فأحببت أن أعلم أين كانت، فنزلت إلى البستان وسمعت البستاني يقول لها: إن نعل الجواد جديد، فأين صنعته؟ فقالت له: عند البيطري المقيم عند باب الدير. - أهذا الذي تضطرب من أجله يا بني؟ - نعم، فإني أحب أن أعلم ما دعا تنوان إلى الذهاب إلى تلك الجهة.
فأخذت الكونتس يد ولدها بين يديها، وقالت له بلهجة حنو: أصغ إلي يا لوسيان، إنك لا تحب ابنة عمك وتهوى فتاة فقيرة تريد أن تتزوجها، أليس كذلك؟
فذعر لوسيان وقال لها: من أخبرك بذلك؟
Unknown page