181

Rocambole

الإرث الخفي: روكامبول (الجزء الأول)

Genres

فضحكت النورية وقالت: لا يجلب الشر يا سيدتي غير الخوف وتقريع الضمير، وإذا كنا قد قتلنا الأم فقد يتفق أن الذي كان يزال يذكرها أنقذ ابنتها.

ولم يكن موقف المرأتين في تلك الساعة موقف خادمة ومخدومة، بل موقف آثمتين اشتركتا في جريمة هائلة، فكانت الكونتس ترتعش وتضطرب والنورية تنظر إليها وتبتسم، ثم رجعت الكونتس إلى سكينتها فقالت: أظن يا تنوان أن خوفنا لا محل له، فإن راوول قد مات، وفوق ذلك فإنه لم يكن في هذه البلاد حين شبت النار في القصر.

قالت: إنك مخطئة يا سيدتي. - كيف ذلك؟ - أتذكرين يا سيدتي جاك؟ ذلك الجزار الشيخ الذي كان يقول إن الكونت قد وضع النار بيده في القصر. - نعم، وهو قد مات. - ولكنه أخبرني قبل موته أنه رأى فارسا في ليلة الحريق جاء إلى دكانه فربط جواده في إحدى أشجار الغابة وتعشى عند الجزار، فلما اربد الظلام برح دكان الجزار بعد أن سأل عن الطريق المؤدية إلى قصر بوبيير. - على ماذا يدل ذلك؟ - في اليوم الثاني رأى الجزار هذا الفارس يخترق الغابة وأمامه فوق جواده ولد صغير.

فاضطربت الكونتس اضطرابا شديدا وقالت: رباه! لعل يوم عقاب الله قد دنا؟

فأجابتها تلك النورية الهائلة: إني لا أثق بالله، ومن عرف أن يخفي جريمته ويتقي العقاب لا يعاقب.

فارتعدت الكونتس وقالت: اذهبي عني، فما أنت إلا شيطان رجيم، وإني بت أخافك.

غير أن النورية بقيت في مكانها وقالت: أرى أنه يجدر بسيدتي أن تسمع بقية حديثي وتعلم كل ما أعلمه بدلا من أن تخافني. - تكلمي. - إنك أخطأت بما أخبرت به ابنك عن عمه الكونت دي مازيير والد أورور. - إن لوسيان لم يعد راغبا في زواج أورور، فلا بأس بما قلته. - إنك مخطئة يا سيدتي، فليس والد أورور الذي حال دون هذا الزواج، وهو لو كان من الأبرار الصالحين لما رضي لوسيان بهذا الزواج. - لماذا؟ - لأن الصياد يستطيع أن يطارد أرنبين، ولكن الرجل لا يستطيع أن يهوى امرأتين، فإن ابنك يا سيدتي بات من العشاق.

فدهشت الكونتس وذكرت أن ابنها قد تغيرت أخلاقه منذ شهرين، فبات منقبضا مفكرا مهموما بعد زهو، ثم قالت لها: بمن هو مفتون؟ - إني لا أستطيع أن أذكر لك اسم التي يهواها؛ فإني لا أبرح القصر كما تعلمين ولا أعلم ما أسمعه، غير أني أقول لك إن لوسيان يعود إلى القصر متأخرا ساعتين وثلاثا عن رجال الصيد. - ماذا تستنتجين من ذلك؟ - أستنتج أولا أن لابنك عشيقة يزورها بعد الانتهاء من الصيد، ثم أرى أن الشفالييه يعلم من أمره أكثر مما أعلم. - كيف عرفت ذلك؟ - سمعت هذا الشفالييه يقول لابنك وهما خارجان إلى الصيد: اعتمد علي يا لوسيان تجد أن الأمور تجري على ما تريد، ولا أظنه يسأله الاعتماد عليه إلا في هذا الغرام.

فقالت لها الكونتس: اذهبي عني الآن يا تنوان، واحذري أن تروي كلمة من حديثنا لأحد. فابتسمت النورية وانصرفت دون أن تجيب.

وفي اليوم التالي لم يذهب لوسيان إلى الصيد فاجتمعت به أمه وقالت له: إذا كنت غير راغب في الزواج يا بني بابنة عمك، فليكن ما تشاء وثق أني لا أحدثك عنها بعد الآن.

Unknown page