Riyad Nadira
الرياض النضرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثانية
أوثق عنه وأرشد، فهل أنت غافر لي ذنبي يغفر الله لك ذنبك؟ قال: قلت: غفر الله لك يا أمير المؤمنين، ثم اندفع باكيًا وهو يقول: والله الليلة من أبي بكر خير من عمر، هل لك أن أحدثك بيومه وليلته؟ قال: قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال: أما الليلة، فلما خرج النبي ﷺ هاربًا من أهل مكة خرج ليلًا، فتبعه أبو بكر فجعل يمشي مرة أمامه ومرة خلفه ومرة عن يمينه ومرة عن يساره فقال له رسول الله ﷺ: "ما هذا يا أبا بكر؟ ما أعرف هذا من فعلك؟ " قال: يا رسول الله أذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك ومرة عن يسارك لا آمن عليك، قال: فمشى رسول الله ﷺ ليلته على أطراف أصابعه حتى حفيت رجلاه، فلما رأى أبو بكر أنها قد حفيت حمله على كاهله وجعل يشتد به حتى أتى به فم الغار فأنزله ثم قال: والذي بعثك بالحق لا تدخله حتى أدخله قبلك، فإن كان فيه شيء نزل بي قبلك، فدخل فلم ير فيه شيئًا فحمله، وكان في الغار خروق فيها حيات وأفاعٍ فخشي أبو بكر أن يخرج منها شيء يؤذي رسول الله ﷺ فألقمها قدمه فجعلن يضربنه ويلسعنه الحيات والأفاعي، وجعلت دموعه تتحادر ورسول الله ﷺ يقول له: "يا أبا بكر لا تحزن إن الله معنا" فأنزل الله سكينته وهي طمأنينة لأبي بكر، فهذه ليلته.
وأما يومه، فلما توفي رسول الله ﷺ فذكر مثل ما تقدم، وقال في آخره: ثم كتب إلى أبي موسى يلومه. خرجه الملاء في سيرته، وصاحب فضائله، وخرج الخجندي معناه وزاد بعد قوله: أذكر الرصد فأكون أمامك وأذكر الطلب فأكون خلفك إلى آخره: فقال: "يا أبا بكر لو كان شيء أحببت أن يكون بك؟ " قال: نعم والذي بعثك بالحق، ثم ذكر معنى ما بعده ثم قال بعد ذكر سد الجحرة: انزل يا رسول الله فنزل ثم قال عمر: والذي نفسي بيده، لتلك الليلة خير من آل عمر.
"شرح" الغار: الكهف في الجبل والجمع: غيران، كسحه: كنسه
1 / 106