Riyad Nadira
الرياض النضرة
Publisher
دار الكتب العلمية
Edition Number
الثانية
الفصل الثامن: في هجرته مع النبي ﷺ وخدمته له فيها، وما جرى لهما في الطريق وما جرى لهما في الغار ومقدمهما المدينة، وذكر خروجهما من مكة طالبين غار ثور وما يتعلق بذلك
عن عائشة قالت: قال رسول الله ﷺ: "قد رأيت دار هجرتكم، أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما الحرتان" فهاجر من هاجر قبل المدينة حتى ذكر ذلك رسول الله ﷺ ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر إلى الحبشة من المسلمين، وتجهز أبو بكر مهاجرًا فقال له رسول الله ﷺ: "على رسلك، فإني أرجو أن يؤذن لي" قال أبو بكر: وترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: "نعم" فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله ﷺ لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده، ورق السمر أربعة أشهر، قالت عائشة: فبينا نحن جلوس يومًا في بيتنا في نحر الظهيرة إذ قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله ﷺ مقبل متقنع في ساعة لم يكن يأتينا فيها، قال أبو بكر: فداه أبي وأمي، إن جاء به في هذه الساعة لأمر قالت: فجاء رسول الله ﷺ فاستأذن فدخل فقال رسول الله ﷺ لأبي بكر: "أخرج من عندك" فقال أبو بكر: إنما هم أهلك بأبي أنت يا رسول الله فقال رسول الله ﷺ: "قد أذن لي في الخروج" قال أبو بكر: فالصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ فقال رسول الله ﷺ: "نعم" فقال أبو بكر: بأبي أنت يا رسول الله فخذ إحدى راحلتي هاتين، فقال رسول الله ﷺ: "بالثمن" قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب، وقطعت أسماء بنت أبي بكر من نطاقها وأوكت به الجراب؛ ولذلك سميت ذات النطاق، ولحق رسول الله ﷺ بغار في جبل يقال له: ثور، فمكثا فيه ثلاث ليالٍ. خرجه البخاري وأبو حاتم وزاد في بعض طرق البخاري: يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقن، فيدلج من عندهما سحرًا فيصبح عند قريش كبائت فلا يسمع أمرًا يكادان به إلا وعاه حتى
1 / 98