حكمه بحيث يبعد فيها التأويل ومسألة صلاة العصر عند مصير الظل مثله قد كثرت فيها الأحاديث الصحيحة واعتمدها الأئمة وتواتر العمل بها في الأعصار والأمصار وقد ذكر أئمتنا كثيرا من تلك الأحاديث التي استدل بها القائلون بأن وقت العصر عند مصير الظل مثله ولنذكر بعضا مما ذكروه فمن ذلك حديث عائشة رضي لله عنها الذي رواه البخاري ومسلم وبقية أصحاب السنن وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها لم يظهر الفئ من حجرتها وهو مروي بروايات لا حاجة إلى الإطالة بذكرها قال النووي في شرح مسلم ومعناها كلها التبكير بالعصر في أول وقتها وهو حين يصير ظل كل شئ مثله وكانت الحجرة ضيقة العرصة قصيرة الجدار بحيث يكون طول جدارها أقل من مساحة العرصة بشئ يسير فإذا صار ظل الجدار مثله دخل وقت العصر وتكون الشمس بعد في أواخر العرصة لم يقع الفئ في الجدار الشرقي وكل الروايات محمولة على ما ذكرناه قال الزرقاني في شرح الموطأ وحديث عائشة رضي الله عنه يشعر بمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على صلاة العصر في أول الوقت وروى مسلم في صحيحه من رواية سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة بيضاء نقية وروى مسلم أيضا عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية فيذهب الذاهب إلى العوالي فيأتي العوالي والشمس مرتفعة ورواه أيضا كثير من أصحاب السنن قال الزرقاني والعوالي مختلفة المسافة فأقر بها إلى المدينة ما كان على ميلين أو ثلاثة ومنها ما يكون على ثمانية أميال ومثل حديث أنس هذا مروي عند الطبراني من حديث جابر وعند الدارقطني من حديث محمد بن جارية وعند أبي يعلى من حديث البراء بن عازب وروى مسلم عن أنس رضي الله عنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعصر فلما انصرف أتاه رجل من بني سلمة فقال يا رسول الله انا نريد أن ننحر جزورا لنا ونحب أن تحضرها قال نعم فانطلق وانطلقنا معه فوجدنا الجزور لم تنحر فنحرت ثم قطعت ثم طبخ
Page 3