الإمام لأنهما إنما يرويان من قول الإمام لا برأي لهما مجرد عن قول الإمام فتنبه ا ه والحاصل أنه على تقدير عدم رجوع الإمام الأعظم رضي الله عنه عن القول بالعصر الثاني فالرواية الأخرى عنه بالعصر الأول لها مرجحات كثيرة لا سيما وقد أخذ بها أكثر أصحابه الآخذين عنه بلا واسطة كأبي يوسف ومحمد وزفر والحسن بن زياد فهم أعرف الناس بأقواله من غيرهم فترجيحهم يقدم على ترجيح غيرهم لا سيما وذلك هو الذي اختاره جماهير علماء المسلمين وهو الأرفق بالمؤمنين وعليه عمل أكثر أمصار الإسلام على ممر الليالي والأيام ومن جملتهم أهل البلد الأمين فإن عملهم عليه فيما مضى من السنين فإذا خالفوا الآن ذلك العمل ومنعوا من الصلاة في العصر الأول وألزموا الناس بالأذان والصلاة في العصر الثاني كان ذلك مناقضا لما كانوا عليه ولما عليه أكثر أهل الإسلام فيوجب ذلك أن عملهم الأول مع عمل أكثر أهل الإسلام باطل أو جار على مرجوح مع وجود العلماء في كل عصر ومصر وذلك لا يقول به عاقل فضلا عن فاضل وأيضا إذا خالف عمل أهل البلد الحرام عمل أكثر أهل الأمصار كان ذلك سببا للافتراق وعدم الاتحاد ولا شك أن بقاءهم على ما كانوا عليه هو الموجب لاتحاد الكلمة وائتلاف القلوب بل انتقالهم للعمل بالعصر الثاني موجب لافتراق أهل البلد الحرام بقطع النظر عن غيرها من البلدان لأنه اجتمع في البلد الحرام أهل المذاهب الأربعة وفي العصر الثاني اختلاف كثير في المذاهب فمن العلماء من يقول يخرج الوقت بمصير الظل مثليه ومنهم من يقول يحرم التأخير إليه ومنهم من يقول يكره فإذا التزموا تأخير الأذان والصلاة في المسجد الحرام إلى العصر الثاني اقتضى ذلك أن كثيرا من الناس المقيمين في البلد الحرام يصلون في العصر الأول فرادى أو جماعات متفرقة بعد أن كانوا يصلون مع الإمام الأول في جمع عظيم فإن منعوا من الصلاة جماعة في العصر الأول كان منعا غير جائز ويكون سببا لاضطراب كثير وأيضا إن الدولة العلية أدام الله ظلها على البرية أقامت أئمة من أهل المذاهب الأربعة وجعلت لهم وظائف ومرتبات ومن المعلوم بالضرورة أن ذلك إذن لهم في الأذان والصلاة على
Page 12