انتقض عليه قوله: إن الحرف والصوت لا مدخل لهما في كلام الله ﷿ وقد أقرّ بأنه غير مخلوق، وإذا لم يكن مخلوقًا وكان حروفًا لا محالة كان إنكارهم للحروف بعد ذلك سخفًا.
وإن زعموا أن القرآن غير الذي عرفه الخلق كفروا، ولم يجدوا حجّة على قولهم من عقل ولا سمع.
وإن قالوا: إن القرآن اسم لكلام الله جملة، وجب أن تسمى التوراة والإنجيل١ والزبور٢ والقرآن، وصحف إبراهيم٣ وموسى أجمع قرءآنًا، ووجب أن يكون المؤمن بالتوراة من اليهود مؤمنًا بالقرآن وبما فيه، وغير جائز أن تؤخذ منه الجزية بعد وجوب الحكم بإيمانه.
ثم قد أطلق الأشعري أن هذه التسميات لم يستحقها كلام الله / في الأزل، وإنما هي تسميات للعبارات المختلفة التي نزلت في الأزمان المتغايرة، وكلّ ذلك محدث فبين أن التوراة اسم الكتاب بالسريانية، وأنه
١ التوراة والإنجيل: كتابان أنزلا على موسى وعيسى ﵉، - على الترتيب - إلى بني إسرائيل، قال تعالى: ﴿وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ سورة المائدة آية: ٤٦.
٢ هو الكتاب الذي أنزل على نبيّ الله داود ﵇.
٣ قال تعالى: ﴿إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى﴾ سورة الأعلى آية: ١٨، ١٩.