Rihla Fi Fikr Zaki Najib Mahmud
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Genres
إذ إنه: «إلى هذا الاتجاه الفكري تقدم الدكتور زكي نجيب محمود بطلب انتساب، وأصبح ممثله في الفكر العربي ...»
7
وعلى هذا النحو يسير معظم الكتاب على اختلاف مذاهبهم، واتجاهاتهم الفكرية، لا نستثني من ذلك أولئك الذين لم يدركوا الفرق بين الوضعية المنطقية، والمذهب الوضعي الفرنسي الذي وضعه أوجست كونت (1798-1857م) في منتصف القرن الماضي، فخلطوا بينهما على نحو ينم عن جهل فاضح، ثم اتهموا مفكرنا بأنه على صلة «بالاستعمار الغربي»، مثله مثل طه حسين وعلي عبد الرازق ومن لف لفهما.
8
والخلاصة أن كل ما يعلمه نقادنا - للأسف الشديد - عن زكي نجيب محمود عندما يرد ذكر اسمه، أنه صاحب «خرافة الميتافيزيقا» التي صدرت عام 1953م؛ أي منذ ما يقرب من نصف قرن. أما زكي نجيب محمود الميتافيزيقي الذي كتب في بداية الأربعينيات بحثا عن حرية الإرادة أخذ فيه بنظرية الجبر الذاتي
Self-Determinaton
وهي نظرية ميتافيزيقية في صميمها،
9
فهم لا يعلمون عنه شيئا؛ لأنهم لم يشغلوا أنفسهم بدراسة الجوانب المختلفة لتطوره الروحي. إنهم يعرفون جيدا زكي نجيب محمود، «صاحب النطق الوضعي» الذي صدر عام 1951م، أما زكي نجيب محمود المفكر التنويري الذي كتب منذ «الشرق الفنان» عام 1960م ما يقرب من عشرين كتابا، تدور كلها حول بعث الفكر العربي وتجديده، فإنهم لا يعلمون عنه شيئا، وما حاجاتهم إلى مثل هذه المعرفة، وقد حبسوا فكره في قوالب محددة واضحة سهلة هي قوالب الوضعية المنطقية، على نحو ما يفهمها أصحابها في إنجلترا والولايات المتحدة؟! في استطاعتهم بعد ذلك أن ينهالوا عليها نقدا وتجريحا مستخدمين انتقاد الماركسيين الإنجليز على وجه الخصوص! وكأنه لا فارق بين ما فعله مفكرنا وما فعله كارنب وآير وغيرهما!
ولو أن الرجل أراد أن يكون مدرسة، كما يزعم هؤلاء النقاد، تنشر مبادئ الوضعية المنطقية، وتترجم نصوصها وتروج أفكارها لوجد عشرات من تلاميذه على استعداد تام للقيام بمثل هذا الدور منذ زمن بعيد.
Unknown page