وربما تعللت بغشيان المعاهد الخالية، وجددت رسوم الأسى بمباكرة الرسوم البالية، اسأل نون النؤى عن أهليه، وميم الموقد المهجور عن مصطليه، وثاء الأثافي المثلثة عن منازل الموحدين، وأحار وبين تلك الأطلال حيرة الملحدين، لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين، كلفت لعمر الله بسال عن جفوني المؤرقة، ونائم عن همومي المتجمعة والمتفرقة. ظعن عن ملال، لا متبرمًا منا بشر خلال، وكدر الوصل بعد صفائه، وضرج النصل بعد عهد وفائه.
أقل اشتياقًا أيها القلب إنما ... رأيتك تصفي الود من ليس جازيا
فها أنا أبكي عليه بدم أساله، وأندب في ربع الفراق آسى له، وأشكو إليه حال قلب صدعه، وأودعه من الوجد ما أودعه، لما خدعه، ثم قلاه وودعه، وأنشق رياه أنف ارتياح قد جدعه، وأستعديه على ظلم ابتدعه.
خليلي فيما عشتما هل رأيتما ... قتيلًا بكى من حب قاتله قبلي
فلولا عسى الرجاء ولعله، لا بل شفاعة المحل الذي حله، لنشرت ألوية العتب، وبثثت كتائبها، كمناء في شعاب الكتب، تهز من الألفات رماحًا خزر الأسنة وتوتر من النونات أمثال القسي المرنة وتقود من مجموع الطرس والنقس بلقًا تردي في الأعنة، ولكنه آوى إلى الحرم الأمين، وتفيأ ظلال الجوار المؤمن من معرة الغوار عن الشمال واليمين، حرم الحلال المزنية، والظلال اليزنية، والهمم السنية، والشيم التي لا ترضى بالدون ولا بالدنية، حيث الرفد الممنوح، والطير
1 / 101