206

Rihlat

رحلة

Publisher

دار الكتب العلمية

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٥ هـ - ٢٠٠٤ م

Publisher Location

بيروت - لبنان

Genres

Geography
ثم تعاون العداة عند أمير الماخورية، القائم للسلطان بأمور مدرسته، وأغروه بصدي عنها، وقطع أسبابي من ولايتها، ولم يمكن السلطان إلا إسعافه فأعرضت عن ذلك، وشغلت بما أنا عليه من التدريس والتأليف. ثم خرجت عام تسعة وثمانين للحج، واقتضيت إذن السلطان في ذلك فأسعف، وزود هو وأمراؤه بما أوسع الحال وأرغده، وركبت بحر السويس من الطور إلى الينبع، ثم صعدت مع المحمل إلى مكة، فقضيت الفرض عامئذ. وعدت في البحر، فنزلت بساحل القصير، ثم سافرت منه إلى مدينة قوص في آخر الصعيد، وركبت منها بحر النيل إلى مصر، ولقيت السلطان، وأخبرته بدعائي له في أماكن الإجابة، وأعادني إلى ما عهدت من كرامته، وتفيؤ ظله. ثم شغرت وظيفة الحديث بمدرسة صلغتمش فولاني إياها بدلا من مدرسته وجلست للتدريس فيها في محرم أحد وتسعين، وقمت ذلك اليوم - على العادة - بخطبة نصها: الحمد لله إجلالًا وإعظامًا، واعترافًا بحقوق النعم والتزامًا، واقتباسًا للمزيد منها واغتنامًا، وشكرًا على الذي أحسن وتمامًا، وسع كل شيء رحمة وإنعامًا، وأقام على توحيده من أكوانه ووجوده آيات واضحة وأعلامًا، وصرف الكائنات في قبضة قدرته ظهورًا وخفاء وإيجادًا وإعدمًا، وأعطى كل شيء خلقه ثم هداه إلى مصالحه إلهامًا، وأودع مقدور قضائه في مسطور كتابه، فلا يجد محيصًا عنه ولا مرامًا. والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبي الرحمة الهامية غمامًا والملحمة التي أراقت من الكفر نجيعًا وحطمت أصنامًا، والعروة الوثقى، فاز من اتخذها عصامًا أول النبيئين رتبة وآخرهم ختامًا، وسيدهم ليلة قاب قوسين إذ بات للملائكة والرسل إمامًا، وعلى آله وأصحابه الذين كانوا ركنًا لدعوته وسنامًا

1 / 232