أَرَأَيْتُمْ إِذَا تَأَوَّلْتُمْ أَنَّ يَدَ الله نِعْمَتُهُ، أَفَيَحْسُنُ أَنْ تَقُولُوا فِي قَوْلِ رَسُولِ الله ﷺ: «يَطْوِي اللهُ السَّمَاوَاتِ بِيَمِينِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ». أَنَّهُ يَطْوِيهَا بِنعْمَتِهِ؟!
أَمْ قَوْلُهُ: «المُقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ» وَكِلْتَا نِعْمَتَيِ الرَّحْمَنِ نِعْمَةٌ وَاحِدَةٌ؟!
هَذَا أَقْبَحُ مُحَالٍ وَأَسْمَجُ ضَلَالٍ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ ضَحِكَةٌ وَسُخْرِيَةٌ مَا سَبَقَكُمْ إِلَى مِثْلِهَا أَعْجَمِيٌّ أو عربي.
أَمْ قَوْلُ رَسُولِ الله ﷺ: «إِنَّ الصَّدَقَةَ تَقَعُ فِي يَدَيِ الله قَبْلَ يَدَيِ السَّائِلِ». أَنَّهَا تَقَعُ فِي نِعْمَتَيِ الله؟!
أَمْ قَوْلُ أَبِي بكر الصّديق ﵁: «خَلَقَ الله الخَلْقَ فَكَانُوا فِي [١٣/ظ] قَبْضَتِهِ» أَيْ: نِعْمَتِهِ! قَالَ لِمَنْ فِي نِعْمَتِهِ اليُمْنَى: ادْخُلُوا الجَنَّةَ وَقَالَ لِمَنْ فِي نِعْمَتِهِ الأُخْرَى: ادْخُلُوا النَّارَ؟!
أَمْ قَول ابْن عمر: خَلَقَ الله أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الأَشْيَاءِ: كُنْ فَكَانَ. أَفَيَجُوزُ أَنْ تَقُولُوا خَلَقَ الله أَرْبَعَة أَشْيَاء بنعمته ورزقه، ثُمَّ قَالَ لِسَائِرِ الخَلْقِ: كُونُوا بِلَا نِعْمَةٍ وَلَا رِزْقٍ، فَكَانُوا؟!
قَدْ عَلِمْتَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ أَنَّ هَذِهِ تَفَاسِيرٌ مَقْلُوبَةٌ، خَارِجَةٌ مِنْ كُلِّ مَعْقُولٍ لَا يَقْبَلُهُ إِلاَّ كُلُّ جَهُولٍ.
فَإِذَا ادَّعَيْتَ أَنَّ اليَدَ عُرِفَتْ فِي كَلَامِ العَرَبِ أَنَّهَا نِعْمَةٌ، وَقُوَّةٌ، قُلْنَا لَكَ: أَجَلْ، وَلَسْنَا بِتَفْسِيرِهَا مِنْكَ أَجْهَلَ، غَيْرَ أَنَّ تَفْسِيرَ ذَلِكَ يَسْتَبِينُ فِي سِيَاقةِ كَلَامِ المُتَكَلِّمِ حَتَّى لَا يُحتَاج لَهُ من مِثْلِكَ إِلَى تَفْسِيرٍ، إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: «لِفُلَانٍ عِنْدِي يَدٌ أُكَافِئُهُ عَلَيْهَا»، عَلِمَ كُلُّ عَالِمٍ بِالكَلَامِ أَنَّ يَدَ فُلَانٍ لَيْسَتْ بِبَائِنَةٍ مِنْهُ، مَوْضُوعَة عِنْدَ المُتَكَلِّمِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهَا النِّعْمَةُ الَّتِي يُشْكَرُ عَلَيْهَا.