Naqḍ al-Dārmī ʿalā al-Marīsī - taḥqīq al-Shawwāmī
نقض الدارمي على المريسي - ت الشوامي
Editor
أَبوُ عَاصِم الشَّوَامِيُّ الأَثرِي
Publisher
المكتبة الإسلامية للنشر والتوزيع
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Publisher Location
القاهرة - مصر
Genres
وَكَذَلِكَ إِذْ قَالَ: «فُلَانٌ لِي يَدٌ وَعَضُدٌ وَنَاصِرٌ»، عَلِمْنَا أَنَّ فُلَانًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَكُونَ نَفْسَ يَدِهِ -عُضْوَهُ-، وَلَا عَضُدَهُ، فَإِنَّمَا عُنِيَ بِهِ النُّصْرَة والمعونة وَالتَّقوية.
فَإِذَا قَالَ: «ضَرَبَنِي فُلَانٌ بِيَدِهِ، وَأَعْطَانِيَ الشَّيْءَ بِيَدِهِ، وَكَتَبَ لِي بِيَدِهِ» اسْتَحَالَ أَنْ يُقَالَ: ضَرَبَنِي بنعمته، وَعَلِمَ كُلُّ عَالِمٍ بِالكَلَامِ أَنَّهَا اليَدُ الَّتِي بِهَا يَضْرِبُ وَبِهَا يَكْتُبُ وَبهَا يُعْطي، لَا النِّعْمَة.
كَمَا قَالَ الله تَعَالَى ﴿أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ (٤٥)﴾ [ص: ٤٥]،أَيْ: أُولِي البَصَرِ وَالعُقُولِ بِدِينِ الله؛ لِأَنَّ كُلَّ النَّاسِ أُولِي أَيْدِي وَأَبْصَارٍ فَلَمَّا خَصَّ هَؤُلَاءِ الأَنْبِيَاءَ بِهَا؛ عَلِمَ كُلُّ عَالِمٍ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِالأَيْدِي الَّتِي يُضْرَبُ بِهَا وَيُكْتَبُ؛ لما أَنَّ النَّاسَ كُلَّهُمْ أُولُو أَيْدِي وَأَبْصَارٍ، الَّتِي هِيَ الجَوَارِح.
ولَا يَجُوزُ لَكَ أَيُّهَا المَرِيسِيُّ أَنْ تَنْفِيَ اليَدَ الَّتِي هَيِ اليَدُ لَما أَنَّهُ وجدَ فِي فَرْطِ كَلَامِ العَرَبِ أَنَّ اليَدَ قَدْ تَكُونُ نِعْمَةً وَقُوَّةً، وَلَكِنَّ هَذَا فِي سِيَاقِ الكَلَامِ مَعْقُولٌ وَذَلِكَ فِي سِيَاقِ الكَلَامِ مَعْقُولٌ، فَلَمَّا قَالَ الله ﷿: ﴿خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] اسْتَحَالَ فِيهِمَا كُلُّ مَعْنًى إِلَّا اليَدَيْنِ. كَمَا قَالَ العُلَمَاءُ الَّذِينَ حَكَيْنَا عَنْهُمْ.
فَلَيْسَ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الأَيْدِي شَيْءٌ إِلَّا وَالشَّاهِدُ بِتَفْسِيرِهَا يَنْطِقُ فِي نَفْسِ كَلَامِ المُتَكَلِّمِ، فَإِنْ صَرَفْتَ مِنْهُ مَعْنًى مَفْهُومًا إِلَى غَيْرِ مَفْهُومٍ، اسْتَحَالَ وَإِنْ صَرَفْتَ عَامًّا إِلَى خَاصٍّ اسْتَحَالَ، وَإِنْ صَرَفْتَ خَاصًّا مِنْهُ إِلَى عَامٍّ اسْتَحَالَ أَوْ بَطُلَ مَعْنَاهُ.
وَأَظُنُّ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَ مِنَ الجَهْلِ بِمَعَانِي الكَلَامِ كُلُّ مَا لَا يُعْقَلُ مَا قُلْنَا، وَلَكِنَّكَ فِيهِ كَالغَرِقِ تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ عُودٍ، وَقَدْ قُلْنَا: يَكْفِينَا فِي مَسِّ اللهِ آدَمَ بِيَدِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا ذَكَرْنَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنَّا لَا نَسْمَعُ فِي شَيْءٍ مِنْ كِتَابٍ وَلَا عَلَى لِسَانِ أَحَدٍ مِنْ
1 / 103