فاستعظم المعترض لفظ أنا عبدٌ ضعيف، وقال ما هذه الجراءة والتنقص لجناب حبيب الملك الوهاب فانظر إلى الشفا تجده حكى كفر من قال هذه الكلمة. انتهى.
أقول: ما الذي منع هذا الأحمق من نقل ما في الشفا لأصحابه يتحفهم به وليحتجوا به، وهو قد أتحفهم وأضلهم بالكذب الصريح، ونذكر إن شاء الله بعض ما ذكره صاحب الشفا من المبالغة في سد الذرائع إلى الغلو في النبي ﷺ ونحن نشهد الله وملائكته وجميع خلقه أننا نعتقد أن جميع أهل السموات وأهل الأرض عبيد له مربوبون فقراء إليه ضعفاء لديه لا يملكون لأنفسهم ولا لغيرهم نفعًا ولا ضرًا ولا يملكون موتًا ولا حياة ولا نشورًا وأنه لا غناء لأحد منهم عنه سبحانه طرفة عين١. قال تعالى: ﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا﴾ [مريم:٩٣]، وقال: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ [فاطر:١٥]، وقال سيد ولد آدم ﷺ في الدعاء المشهور: " اللهم أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس، أنت رب المستضعفين إلى من تكلني" ٢، من دعائه ﷺ: "وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلن
_________
"١" يقول الإمام أبو جعفر الطحاوي الحنفي في عقيدته "٩١":
"ويملك كُلَّ شيء ولا يملِكهُ شيءٌ، ولا غِنى عن الله تعالى طرفة عين، ومن استغنى عن الله طرفة عين، فقد كفر وصار من أهل الحَيْنِ"أهـ.
"٢" ضعيف: أخرجه ابن إسحاق في مغازيه كما في سيرة ابن هشام "٢/ ٤٥"، ومن طريقه الطبري في تاريخه "١/ ٥٥٤"، قال حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال: ... وذكر قصة خروجه ﵌ إلى الطائف. وهذا إسناد صحيح إلى محمد بن كعب إلا أنه مرسل، وقد ضعفه العلامة الألباني- ﵀ في تعليقه على فقه السيرة.
1 / 37