الاحتمال الأخير مخالف لما كان عليه من عدم إعادته بالأزهر لأنه أول ما تقام به فيجزم بسبق جمعة الأزهر على غيرها، قلت: كان تلميذه العلامة سالم الشبشيري يرد عليه في غيره وجهه بما معناه حيث وجدت كثرة الجمع وجد الشك، وهو احتمال تأخر جمعة الأزهر عن غيرها، وتقدمها وتساويها فلا وجه لعدم شكه وما اقتصر عليه عج من أن المحققين على الاحتمال الأول ليس كذلك، بل المحققون كالرملي ومن تبعه على الاحتمال الأخير، كما تقدم وعليه فإن تحققنا أن الخطيب لا يعيد لتقليد أو لعدم شك فجمعتنا خلفه صحيحة، وإن تحققنا إعادته وجبت الظهر كما إذا شكينا فيها، أو في أنه هل يعيد ندبًا أو وجوبًا، وإن علمنا أن إعادته للندب فتندب لنا الإعادة وتصح الصلاة خلف من صلى بثوب فيه فضلة مأكول اللحم تقليدًا لمالك، وخطب بخطبة فيها الأركان المعتبرة عند الشافعي؛ لأن العلامة العدوي نقل عن شيخه الصغير وغيره ترجيح القول بالتلفيق وهو الأليق بالحنيفية والرحمة. اهـ ملخصًا من عب والأمير والنفراوي.
[مسألة]
يحرم على الجالسين الكلام حال الخطبة، ولو لم يسمعوا لبعد أو صمم، وإنما حرم الكلام لغير السامع سدًا للذريعة لئلا يسترسل الناس على الكلام حتى يتكلم من يسمع الإمام. اهـ من ص وفي الزرقاني ومثل الكلام تحريك ما له صوت من حديد وثوب جديد وسلام ورده ولو بإشارة، ونهي لاغ بالنطق وحصبه أي رميه بالحصباء وإشارة لمن لغا وكتابة؛ لأنها تشغل، وابتداء صلاة نفل. اهـ ومن ذلك يعلم حرمة الطواف في ذلك الوقت بالأولى إذ فيه تمام الاشتغال عن سماعها والله أعلم.
(فائدة)
قال بعض شراح المدونة أصل معنى الذريعة لغة: جمل يترك هملًا في فلاة يصاد فيها الظباء والحمر الوحشية فتأنس بذلك الجمل الصيد، وتدور معه فإذا ذهبوا للصيد لم يذهب الجمل منهم؛ لإلفه بالناس فإذا وقف وقف الصيد معه فيأخذون منه بسهولة، ثم يسمى به كلما كان سببًا للهلاك، أو سببًا للوقوع في الإثم، فإن الإثم يوقع في الهلاك، ثم إن هذه العبارة إشارة إلى قاعدة وهي يجب دفع كل ما يؤدي إلى فساد في أمر مشروع، وقد ظن كثير أن هذه المسألة مخصوصة بمذهب مالك، وأن العمل بها يجب عنده مطلقًا وليس كذلك، كما قاله العلامة القرافي حيث قال: ليس كل ذريعة فساد يجب سدها مطلقًا، فإن الذرائع ثلاثة أقسام: (فمنها) ما أجمع الناس على وجوب سده كسب الأصنام عند من يسب الله تعالى إذا سبت، وحفر الآبار في طريق المسلمين، (ومنها) ما أجمعوا على عدمه كالمنع من غرس الكروم لئلا يتخذ منها الخمر، (ومنها) ما اختلف فيه كبيوع الآجال، (ومنها) ما يكون خلاف الأولى وقد تكون ذريعة الفساد ذريعة لمصلحة أيضًا فيقدم الأرجح منهما كدفع المال للكفار لافتداء الأسير والحاصل كما نقله بعض المتأخرين من مذهب مالك أن
1 / 60