ـ[قرة العين بفتاوى علماء الحرمين]ـ
المؤلف: الشيخ حسين إبرهيم المغربي مفتي المالكية بمكة
الناشر: المكتبة التجارية الكبرى بمصر
الطبعة: الأولى، ١٣٥٦ هـ - ١٩٣٧ م
عدد الأجزاء: ١
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
Unknown page
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمدك اللهم إذ أطلعت لعلم الفتوى من سماء التحقيق شموسا وبدورا. وجعلت علماء الشريعة الغراء أرفع الناس في الدارين مكانة وحبورا وسرورا. واخترتهم لحفظ فرائض الإسلام وسنته. وأقمتهم نجوما يهتدى بهم في ظلمات الجهالات إلى منهجك القويم وسننه. وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن سيدنا محمدا رسول الله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين نصروا الحق وأظهروه. ودمغوا الباطل وأهله وأماتوه. وبعد: فيقول حسين بن إبراهيم الأزهري المالكي: قد جمعت مسائل يحتاجها قليل البضاعة مثلي عند الاستفتاء والاحتياج. والله أسأل أن يلهمنا الصواب ويجعلنا مع الحق في امتزاج. إنه أكرم مسئول وأرجى مأمول.
(مقدمة) المطلوب من العلماء أن يبينوا لنا معنى اللهم إني أسألك العفو والعافية والمعافاة الدائمة (الجواب) معنى العفو: أن يعفو الله عن خلقه ويصفح عنهم ويترك عقابهم إذا استحقوه، ومعنى العافية دفاع الله عن العبد، يقال: عافاه الله من المكروه معافاة وعافية: وهب له العافية من العلل والبلاء كأعفاه، ومعنى المعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك اهـ. خفاجي على الشفاء بزيادة القاموس.
[مسألة]
شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ كما في عدوي على الزرقاني (ما قولكم) في مباح أمر السلطان بتركه، ولي الأمر هل تجب طاعته (الجواب) سئل الأجهوري عن ذلك، فأجاب بوجوب طاعته فيه. انظر الزرقاني.
[مسألة]
إذا لم يوجد نص في مسألة فأفتى بعض المتأخرين بأنه يرجع فيها لمذهب أبي حنيفة؛ لأنه المسائل التي فيها خلاف بين مالك وأبي حنيفة اثنان وثلاثون مسألة فقط، وفيه نظر، بل ظاهر كلام القرافي أنه يرجع في تلك النازلة لمذهب الشافعي؛ لأنه تلميذ الإمام، كذا في حاشية الخرشي عند قول المصنف: وحيث ذكرت القولين إلخ، وقوله: اثنان وثلاثون لعله من الأصول وإلا فبينهما اختلاف كثير في الفروع كما هو معلوم.
[مسألة]
يجوز تقليد مذهب الغير ولو بعد الوقوع لضرورة أو لغيرها كما في الأمير على عب.
[مسألة]
قال الأجهوري في الفتاوى: وإذا حكم الحاكم بالقول الضعيف فلا ينقض حكمه ما لم يشتد ضعفه كالحكم بشفعة الجار ومحل مضي حكمه بالقول الضعيف؛ حيث لم يول على الحكم بغير الضعيف، والحاصل: أنه حيث إذا كانت توليته إنما هي على ما يحل العمل به وهو الراجح أو المشهور وحكم بالقول الضعيف فإنه ينقض وإن كانت توليته إنما هي على العمل بما يقتضيه رأيه فلا يجوز له الحكم بالضعيف وإذا وقع ونزل فإنه لا ينقض حكمه كما في حاشية الخرشي عند قول المصنف وحيث ذكرت قولين
1 / 3
أو أقوالا إلخ.
(ما قولكم) فيمن أتلف بفتواه شيئا هل يضمن أم لا؟ (الجواب) قال عبد الباقي ﵀ في باب الغصب: فرع: لا شيء على مجتهد أتلف شيئا بفتواه أي؛ لأنه كل مجتهد مثاب أخطأ أم أصاب وضمن المقلد غير المجتهد كعلماء زماننا إن نصبه السلطان أي: أو تولى فعل ما أفتى فيه؛ لأنه كوظيفة عمل قصر فيها وإلا فقولان اهـ بتوضيح وزيادة من المجموع، قال العلامة الأمير ﵀ على عبق: واستظهر شيخنا أنه إن قصر في مراجعة النصوص ضمن وإلا فلا ولو صادف خطأ؛ لأنه فعل مقدوره ولأنه المشهور عدم الضمان بالغرور القولي ويزجر وإن لم يتقدم له اشتغال بالعلم والله أعلم.
(ما قولكم) في صلة الرحم هل هي واجبة أم مندوبة (الجواب) قال عج: صلة الرحم واجبة بل حكى عياض وغيره الاتفاق على وجوبها وقطعها كبيرة وقال ابن عمر: صلة الرحم فرض بلا خلاف ومن تركها فهو عاص باتفاق ولا تجوز شهادته واختلف في الرحم الذي عليه أن يصله، فقيل: كل من يحرم عليه نكاحه من أجل القرابة، وقيل: كل من بينه وبينه قرابة، قال الشيخ زروق: قال القرافي: التي تجب صلتها كل قرابة قريبة تنشر الحرمة بحيث لو كان أحدهما ذكرا والآخر أنثى حرم كالعم والخال وابن الأخ وابن الأخت وما سوى ذلك فمستحب، والصلة تحصل ولو بالسلام كما بينه الأقفهسي وبالسؤال عن الحال قال ابن عمر: لا حد في صلة الرحم إلا ما يخاف منه الانقطاع، والله ولي التوفيق.
(ما قولكم) فيمن ارتكب ذنبا ومات قبل مضي ثلاث ساعات ولم يتب مما ارتكبه فهل يموت عاصيا ويكتب عليه ذنب ما ارتكبه أم لا؟ (الجواب) سئل عن هذا عج فأجاب بقوله: ورد في رواية أن الشخص إذا عمل ذنبا ينتظر ست ساعات فإن استغفر منها كتب له صاحب اليمين حسنة وإلا كتب عليه صاحب الشمال سيئة، وفي رواية أنه ينتظر سبع ساعات وقد ذكر الروايتين الحافظ السيوطي ﵀، فإذا مات قبل مدة الانتظار ولم يتب لم يكتب عليه والله أعلم.
(ما قولكم) في الشريف هل هو أفضل من العالم أم العالم أفضل؟ (الجواب) الشريف أفضل من العالم من حيث النسب والعالم أفضل من حيث العلم، وفضيلة العلم تفوق فضيلة النسب. كذا في فتاوى الأجهوري. والله أعلم.
[مسألة]
من أمه شريفة له شرف دون من أبوه شريف كما قاله ابن عرفة ومن وافقه قال العلامة الأمير: وما قاله ابن عرفة لا ينبغي أن يختلف فيه والله أعلم.
(ما قولكم) في التسمية بعبد النبي هل يجوز أم لا؟ (الجواب) في فتاوى العلامة المذكور: لم أر لأصحابنا حرمة التصريح بالتسمية بعبد النبي لكن مقتضى كلامهم كراهة التسمية به، وسئل السبكي الشافعي عن التسمية فأجاب بالمنع خوف التشريك من الجهلة باعتقاد أو ظن حقيقة العبودية وتردد فيما إذا قصد به التشريف، ومال الأذرعي للجواز حينئذ قال الدميري: الأكثر على المنع خشية التشريك
1 / 4
كعبد الدار وعبد الكعبة انتهى.
وقد تقرر في مذهبنا أن المسألة إذا لم يوجد فيها نص يرجع لمذهب الشافعي، وأجاب العلامة الشبراوي الشافعي بقوله: المعتمد الجواز ولا يجب على من يسمى بهذا الاسم تغيير اسمه ولا يستحب، والله أعلم.
[مسألة]
يجوز تسمية الكافر والمبتدع والفاسق إذا لم يعرف إلا بها أو خيف من ذكره باسمه فتنة، وذكر القرافي ما يفيد أنه لا يحرم مخاطبة الذمي بنحو معلم. اهـ فتاوى عج.
[مسألة]
في التوضيح ذكر أبو المعالي أن مالكا كثيرا ما يبني مذهبه على المصالح، وقد قال: إنه يقتل ثلث العامة لمصلحة الثلثين، وفي عب أن معناه: قتل ثلث مسلمين مفسدين لإصلاح ثلثين مفسدين حيث تعين القتل طريقا لإصلاح الثلثين دون الحبس أو الضرب وإلا منع صونا للدماء، والمراد بالإفساد تخريب أماكن الناس وقيام بعضهم على بعض ثم إن الظاهر أن الإمام أو نائبه يخير في تعيين الثلث من جميع المفسدين بالمعنى الأول للقتل مع نظره بالمصلحة فيمن هو أشد فسادا من غيره، وقولي: ثلث مفسدين هو الصواب خلافا لما سرى لبعض الأوهام من جواز قتل ثلث من أهل الصلاح لإصلاح ثلثين مفسدين؛ لأنه غلط فاحش، وانظر لو كان لا يحصل إصلاح المفسدين إلا بقتل أكثر من ثلث مفسدين والظاهر عدم ارتكابه صونا للدماء اهـ.
وفي الأمير قال المازري: وهذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح انتهى. ونقله الحطاب وزاد بعده عن شرح المحصول: أن ما ذكره إمام الحرمين عن مالك لا يوجد في كتب المالكية فتأمله، قال سيدي محمد بن عبد القادر الفاسي: هذا الكلام لا يجوز أن يسطر في الكتب لئلا يغتر به بعض ضعفة الطلبة وهو لا يوافق شيئا من القواعد الشرعية، قال الشهاب القرافي: ما نقله إمام الحرمين عن مالك: المالكية ينكرونه إنكارا شديدا ولم يوجد ذلك في كتبهم إنما نقله المخالف وهم لم يجدوه أصلا، وقال ابن الشماع: ما نقله إمام الحرمين لم ينقله أحد من علماء المذهب وما ذكره في التوضيح عن المازري أنه قال: هذا الذي حكاه أبو المعالي عن مالك صحيح إنما ترجع فيه الإشارة إلى أول الكلام وهو أن مالكا كثيرا ما يبني مذهبه على المصالح لا إلى قوله بأثره وقد قال: إنه يقتل ثلث العامة لإصلاح الثلثين أو أنه حمله على مسألة تترس الكفار بالمسلمين، ثم إن في قوله إن مالكا يبني مذهبه على المصالح نظر؛ فإن المخالفين ينسبون ذلك لمالك والمالكية يأبون ذلك على وجه يختص به حسبما تقرر ذلك في علم الأصول. والذي ذكره العلماء وتبرءوا منه في هذا النقل هو حمله على الإطلاق والعموم حتى يجري في الفتن الواقعة بين المسلمين عياذا بالله وما يشبه ذلك. وفي بن: وما قاله شارحنا من جواز قتل الثلث المفسدين حيث تعين طريقا لإصلاح الباقي غير صحيح ولا يحل أن يقال به فإن الشارع إنما وضع لإصلاح المسلمين إقامة الحدود عند ثبوت موجباتها ومن لم تصلحه السنة فلا أصلحه الله ومثل هذا التأويل الفاسد هو الذي يوقع
1 / 5
كثيرا من الظلمة المفسدين في سفك دماء المفسدين نعوذ بالله من شرور أنفسنا وفي الحديث: «من شارك في دم امرئ مسلم ولو بشطر كلمة جيء به يوم القيامة وبين عينيه آيس من رحمة الله» ولما ذكر اللخمي أن المَرْكَبَ إذا ثقل بالناس وخيف عليه الغرق يقترعون على من يرمى والرجال والنساء والعبيد وأهل الذمة في ذلك سواء، قال ابن عرفة عقبه: تعقب غير واحد نقل اللخمي طرح الذمي لنجاة غيره وربما نسبه بعضهم لخرق الإجماع. وقال بعضهم: لا يرمى الآدمي لنجاة الباقين ولو كان ذميا. وقال ابن الحاجب: إذا خيف على المركب طرح ما ترجى به نجاتها غير الآدمي بإذنهم وبغير إذنهم ويبدأ بما ثقل جسمه وعظم جرمه. انتهى.
وقد تبع إمام الحرمين على نقله المذكور تلميذه الغزالي في المنخول وغض بذلك في حق مالك وأتبعه بإساءة الأدب على أبي حنيفة جدا ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم؛ وقد اتفق لي في يوم عيد عند بعض أشياخنا رؤية ما ذكر في المنخول فتأسفت بما قال في حق أبي حنيفة فما هو إلا أن وضعت كتاب المنخول من يدي وكان بين أيدينا كتب ننظر فيها فوقع في يدي تفسير البيلي فرأيت فيه تشنيعا كبيرا على إحياء علوم الدين وما فيه من الأحاديث الموضوعة فأخذتني من ذلك عبرة وقلت جزاءا وفاقا ولا يغتر بما لعج هنا فإنه مثل ما لشارحنا اهـ بحذف.
(ما قولكم) في كرامات الأولياء ومعجزات الأنبياء وما الفرق بينهما؟ وهل يصح أن يقال كلما جاز أن يصدر معجزة لنبي جاز أن يصدر كرامة لولي مطلقا أو في المسألة تفصيل؟ أفيدوا الجواب (الجواب) اعلم أن المعجزة هي الأمر الخارق للعادة إن وقع بعد النبوة والكرامة هي الأمر الخارق للعادة يظهر على يد عبد ظاهر الصلاح ملتزم لمتابعة نبي كلف بشريعته مصحوب بصحيح الاعتقاد والعمل علم بها أو لم يعلم، وليست في وقوعها التباس النبي بغيره للفرق بين المعجزة والكرامة؛ لأنه المعجزة يجب إظهارها معها دعوى النبوة دون الكرامة فيجب على الولي أن يخفيها إلا عند ضرورة أو لتقوية يقين بعض المريدين كما غرف بعضهم عسلا من الجو ووضعه في يد مريده وبعضهم أرى غيره الكعبة من بلاد بعيدة فكل ما وقع معجزة للأنبياء جاز وقوع مثله كرامة للأولياء إلا إنزال القرآن وطلوع السماء بالجسد يقظة كما روي أن الأسود العنسي لما ادعى النبوة طلب أبا مسلم الخولاني فقال له: اشهد أني رسول الله فقال: لا، قال: اشهد أن محمدا رسول الله قال: نعم، فأمر بنار فألقي فيها فوجدوه قائما يصلي وقد صارت عليه بردا وسلاما فكان عمر بن الخطاب يقول: الحمد لله الذي لم أمت حتى رأيت من أمة محمد من فعل به كما فعل بإبراهيم الخليل. اهـ. ملخصا من عبد السلام والسحيمي على الجوهرة وفي فتاوى ابن حجر الحديثية أن كرامة الولي من بعض معجزات النبي ولما كان متصفا بعظيم اتباعه أظهر الله بعض خواص النبي على يدي
1 / 6
وارثه ومتبعه وقد تنزلت الملائكة لاستماع قراءة أسيد بن حضير الكندي وكان سلمان وأبو الدرداء يأكلان في صفحة فسبحت الصفحة أو ما فيها، ثم الصحيح أنهم ينتهون إلى إحياء الموتى خلافا لأبي القاسم القشيري فهو ضعيف والجمهور على خلافه فالصحيح تجويز جملة خوارق العادات كرامة للأولياء وفي شرح مسلم للثوري أنه تجوز الكرامات بخوارق العادات على اختلاف أنواعها وخصها بعضهم بإجابة دعوة ونحوها وهذا غلط من قائله وإنكار للحس بل الصواب جريانها بانقلاب الأعيان ونحوه. اهـ.
وقد مات فرس بعض السلف في الغزو فسأل الله إحياءه حتى يصل إلى بيته فأحياه الله فلما وصل بيته قال لولده: خذ سرجه فإنه عارية عندنا فأخذ فخر ميتا، وقال اليافعي: صح بالسند المتصل إلى الشيخ القطب عبد القادر الجيلاني ﵀: أن أم شاب كان ذلك الشاب عنده دخلت تلك الأم على الشيخ وهو يأكل في دجاجة فأنكرت أكله الدجاجة وإطعامه ابنها أرذل الطعام فقال لها: إذا صار ولدك بحيث يقول لمثل هذه الدجاجة قومي بإذن الله فقامت ولها أجنحة وطارت بها حق له أن يأكل الدجاج، والله أعلم.
[مسألة]
إذا شق على النساء مسح جميع الرأس فقال العلامة الأمير: يجوز لها أن تقلد من يقول بمسح بعض الرأس من غير ضرب ولا تهديد خلافا للشبرخيتي ومن وافقه. وهل تقلد مذهب الغير أو القول الضعيف في المذهب؟ قولان، والمعتمد الأول ويجوز التلفيق بأن يمسح بعض الرأس على مذهب الشافعي ويمس زوجته بغير قصد ولا وجدان ويصلي على مذهب مالك ونحو ذلك، وهذا ما اعتمده سيدي محمد الصغير، قال العلامة العدوي: وقد اطلعت على رسالة تؤيد ما قاله شيخنا الصغير فيكون هو الراجح، وفي الأمير على عبق في فصل الجمعة: أن القول بالتلفيق هو الأليق بالحنيفية والرحمة وفي الدسوقي وذكر الخطاب عن ابن عمر جواز العمل بالقول الشاذ في خاصة النفس وأنه يقدم على العمل بمذهب الغير؛ لأنه قول في المذهب وهو اختيار المغاربة وقد تقدم أنه ضعيف والمعتمد تقديم مذهب الغير كما هو اختيار المصارية اهـ بتوضيح.
[مسألة]
للضيف إطعام الهر والسائل كما في حاشية الخرشي من باب العارية.
[مسألة]
في المجموع أنه يجوز أخذ الأجرة على الفتيا إن لم تتعين بأن كان هناك من يحسنها أي وأما إن تعينت بأن لم يوجد من يحسن الفتيا غيره فلا يجوز أخذ الأجرة.
[مسألة]
القهوة في ذاتها مباحة ويعرض لها حكم ما يترتب عليها ومثلها الدخان أي أنه في ذاته مباح على الأظهر ويعرض له ما يترتب عليه وكثرته لهو كما في المجموع.
(ما قولكم) في شخص قال لأخيه: يا كافر فهل يلزمه؟ (الجواب) في الموطأ عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: «من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما» أي أن من قال لأخيه في الإسلام أنت كافر فقد رجع بكلمة
1 / 7
الكفر أحدهما؛ لأنه إن كان القائل صادقا في نفس الأمر فهو ظاهر وإن كان القائل كاذبا فقد جعل الإيمان كفرا فقد كفر كذا حمله البخاري على تحقيق الكفر على أحدهما وحمله غيره على الزجر والتغليظ فظاهر الحديث غير مراد. وقال الباجي من أهل مذهبنا: إن كان المقول له كافرا فهو كما قال وإلا خيف على القائل أن يصير كافرا. وقال ابن عبد البر: أي احتمل الذنب في هذا القول أحدهما. قال أشهب: سئل مالك عن هذا الحديث فقال: أرى ذلك في الحرورية. قيل: تراهم بذلك كفارا؟ قال: ما أدري ما هذا اهـ زرقاني بتصرف.
[مسألة]
هل يتنزل العزم على المعصية منزلة المعصية في الكبر والصغر؟ فالعازم على الزنا مثلا يأثم إثم الزاني أو لا يتنزل منزلة المعصية؟ (الجواب) تردد الباقلاني في ذلك وجزم غيره بأن العزم على كبيرة يكون مطلق سيئة، وهو ظاهر. أقول: وظاهر هذا أنه صغير اهـ عدوي (ما قولكم) في المتقي هل له مرتبة أو أكثر؟ (الجواب) في حاشية الخرشي: اعلم أن للمتقي كما قال ناصر الدين اللقاني ثلاث مراتب الأولى: التوقي عن العذاب المخلد بالتبري عن الشرك وعليه قوله تعالى: ﴿وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى﴾ والثانية: التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك على الصغائر عند قوم وهو المتعارف باسم التقوى في الشرع وهو المعني بقوله تعالى ﴿ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا﴾ إلى آخره. والثالثة: أن يتنزه عما يشغل سره عن الحق ويقبل إليه بنفسه وجسمه وهو التوقي الحقيقي المطلوب بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ﴾.
(ما قولكم) في المسألة إذا كان فيها قولان ولم يترجح أحدهما عن الآخر هل للعالم أن يفتي بأحدهما تارة وبالآخر تارة أخرى (الجواب) في حاشية الخرشي حكى القرافي الإجماع على تخيير المقلد بين قولي إمامه إذا لم يظهر له ترجيح أحدهما أي يختار قولا ويفتي به لا أنه يجمع بينهما وإذا أفتى بأحد القولين في نازلة ثم حصلت نازلة أخرى مماثلة لتلك فله أن يفتي فيها بالقول الآخر مع أن النازلة مماثلة وإذا قلنا يفتي بأحد القولين اشترط بعضهم ألا يفتي الفقراء بما فيه تشديد والأغنياء بما فيه تخفيف ونقله الإجماع طريقة، وقيل: إنه يذكر القولين أو الأقوال وهو يقلد أيهم أحب، قال: قال بعض: وينبغي أن يختلف ذلك باختلاف أحوال المستفتين ومن لديه منهم معرفة ممن ليس كذلك، أقول: وهو الظاهر عندى. وقال القرافي في كتاب الأحكام: للحاكم أن يحكم بأحد القولين المتساويين بعد عجزه عن الترجيح ولا يجوز العمل ولا الفتوى ولا الحكم بالضعيف
[مسألة]
سئل سيدي أحمد بن زكريا إذا رأت الخلائق ربها يوم القيامة وحجبوا عن رؤيته هل يتخيلونه بعد ذلك؟ فأجاب بعدم جواز التخيل؛ لأنه ما في الخيال مثل، والله تعالى منزه عن أن يكون له مثل أو يدرك بالوهم أو الخيال هذا ما تقتضيه ظواهر النصوص. فإن قلت: التنزيه عن المثل يقتضي نفي المثل له تعالى وهو معارض لقوله ﴿وله المثل الأعلى في السماوات والأرض﴾
1 / 8
قلت: المثل المثبت له تعالى غير المثل المنفي، فالمثل المنفي بمعنى المماثل والمقيس عليه والمثبت بمعنى الصفة فقوله تعالى ﴿ولله المثل الأعلى﴾ أي الوصف الأعلى وهو الوجوب الذاتي والغنى المطلق والجود الفائق والنزاهة عن صفات المخلوقين فتبارك الله رب العالمين. قاله السنوسي في شرح الجزائرية اهـ نفراوي بعض التصرف.
(ما حكم التواضع) لأهل الدنيا من أجل دنياهم (الجواب) قال في حاشية الخرشي: ثم لا يخفى أن التواضع لله ولرسوله وللوالد والشيخ والسلطان واجب وللمسلمين من حيث كونهم مسلمين مندوب ولأهل الدنيا من حيث دنياهم حرام.
(فائدة) روى أحمد والترمذي وصححه النسائي والضياء وغيرهم عن ابن عباس «أقبلت اليهود إلى النبي ﷺ فقالت: أخبرنا ما هذا الرعد قال: ملك من الملائكة موكل بالسحاب بيديه مخراق (١) من نار يزجر به السحاب ليسوقه حيث أمر الله قالوا: فما هذا الصوت الذي يسمع قال: صوته. قالوا: صدقت» اهـ من الزرقاني على الموطأ.
(ما قولكم) في أهل الجنة هل يولد لهم أم لا؟ (الجواب) في الزرقاني على الموطأ: وذكر الغزالي عن أبي سعيد مرفوعا إن الرجل من أهل الجنة ليولد له الولد كما يشتهي ويكون حمله وفصاله وشبابه في ساعة واحدة اهـ
[مسألة]
في حاشية الخرشي عن السنوسي: إن جرم الشمس وحدها قدر الأرض مائة مرة وستة وستون مرة وثلث مرة، وفي طبقات الشيخ الشعراني في ترجمة مولى ابن عباس: أنه كان يقول: سعة الشمس سعة الأرض وزيادة ثلاث مرات وسعة القمر سعة الأرض، وما ذكره كل منهما مخالف لما ذكره تت من أن الشمس قدر الدنيا مائة وعشرون مرة والقمر قدر الدنيا مائة وعشرون مرة
(ما قولكم) في حاكم صلب شخصا هل يجوز النظر إليه أم لا؟ (الجواب) قال في حاشية الخرشي: لا يجوز النظر للمصلوب ولا للمخوزق ونحوهما
[مسألة]
إذا جزم بقلبه أن الله واحد ومحمد رسوله ثم مات فالمعتمد أنه يكون ناجيا عند الله بمجرد التصديق القلبي وأما النطق فهو شرط في إجراء الأحكام الدنيوية كذا في حاشية الخرشي
[مسألة]
لا يجب علي العالم أن يعلم غيره إلا بعد الطلب وهو الصحيح عند ابن العربي وغيره خلافا للطرطوشي ومن وافقه. أفاده في حاشية الخرشي
[مسألة]
يجوز الدعاء على الظالم بعزله كان ظالما له أو لغيره والأولى عدم الدعاء على من لم يعم ظلمه فإن عم فالأولى الدعاء وينهى عن الدعاء عليه بذهاب أولاده وأهله أو بالوقوع في معصية؛ لأن إرادة المعصية معصية وينهى أيضا عن الدعاء عليه بمؤلمات تحصل له فوق ما يستحقه، وفي جواز الدعاء بسوء الخاتمة قولان: الراجح كما قاله ابن ناجي وغيره المنع خلافا للبرزلي اهـ من حاشية الخرشي.
[مسألة]
أكثر العلماء على جواز رفع البصر إلى السماء في الدعاء وكرهه الطبري والقاضي وشريح ووجه قول
_________
(١) قوله مخراق: المخراق المنديل يلف ليضرب به وفي حديث علي ﵁: البرق مخارف الملائكة. اهـ. مختار الصحاح
1 / 9
الأكثر أن السماء قبلة الدعاء ووجه القول الثاني أن رفع البصر إلى السماء يوهم الجهة والله منزه عن الزمان والمكان.
(فائدة) لا بأس باكتحال الرجل لضرورة دواء وأما لغير ضرورة ففيه قولان عند مالك بعدم الجواز والجواز والخلاف في الإثمد وغيره جائز قطعا والاكتحال سنة عند الشافعية لا المالكية ويجوز للرجل لبس معصفر ومزعفر قاله البدر اهـ من حاشية الخرشي أواخر فصل العدة.
(ما قولكم) فيمن يدعي عدم نجاة أبوي نبينا ﷺ وما الحكم في هذا القائل؟ (الجواب) روي من حديث عائشة ﵂ إحياء أبويه معا حتى آمنا به ﵂ والحديث وإن كان ضعيفا يعمل به في المناقب كما يعمل به في الفضائل ونفع الإيمان بعد الموت من خصائصه ﷺ على أن أهل الفترة ناجون وكان إحياء أبوي النبي ﷺ في حجة الوداع وحكمة تأخيره إلى آخر حياته ﵇ ليحصل الإيمان لهما بجميع ما جاء به ﷺ، ومن قال: بعدم نجاتهما فهو ملعون فقد قال أبو بكر بن العربي المالكي: إن من يقول إن أبوي النبي ﷺ في النار ملعون؛ لأن الله تعالى يقول ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ ولا أذى أعظم من أن يقول إن أبويه في النار اهـ ملخصا من مولد المدابغي وحاشية الشيخ عبادة عليه.
(باب في أحكام تتعلق بالقرآن)
[مسألة]
في السيد: فرع: يكره جعل القرآن أجزاء قال مالك: إنه تعالى يجمعه وهم يفرقون اهـ برزلي اهـ أمير على عب في سنن الصلاة.
[مسألة]
من حضر قراءة القرآن يحرم عليه الكلام ويجب عليه الاستماع ويدل عليه قوله تعالى ﴿وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له﴾ الآية وكذلك يحرم رفع الصوت على كلامه ﷺ؛ لأنه من الوحي ويكره على المعتمد قيام من يقرأ كلامه ﷺ لأحد اهـ ملخصا من الخرشي وحاشية العدوي في شرح قول المختصر ورفع الصوت عليه من باب الخصائص
[مسألة]
لا يرخص لناسخ القرآن في ترك الوضوء إلا أن يقلد قول ابن مسلمة من أهل المذاهب أن الوضوء لمس المصحف مستحب وليس بعزيمة كذا في المعيار وفي المجموع ومنع الحدث مس مصحف وحمله وكتابته خلافا لما في تت وغيره من اغتفار عدم الوضوء للناسخ اهـ
[مسألة]
قال عج: يؤخذ من الحديث جواز قراءة الفاتحة عند الوداع وهو قوله في الحديث كان يذكر الله في كل أحواله ومن الأحوال حال السفر ومن الذكر القرآن بل أفضل الذكر القرآن؛ لقوله تعالى ﴿إنا نحن نزلنا الذكر﴾ اهـ من حاشية الخرشي
(ما قولكم) في قراءة الفاتحة للنبي ﷺ هل هي جائزة
1 / 10
أم لا؟؟ (الجواب) في حاشية الخرشي: وأما الفاتحة له ﷺ فذكر الحطاب في باب الحج عن الشافعية قولين أرجحهما عدم الجواز ولا نص في مذهبنا في المسألة والذي عليه علماء الشافعية الآن جواز ذلك. قال عج: وإذا لم يوجد نص في مذهبنا فنرجع إلى مذهب الشافعية في ذلك فلا يحرم ذلك والذي يقول بالحرمة يحتج بأنه لم يرد جواز ذلك عنه ﷺ ولا أذن فيه ولاية ولا يتهجم على العظيم إلا بما أذن فيه وهذا لم يأذن فيه والله أعلم.
ما قولكم) فيمن يكرر القرآن في المصحف بالحاضر أو يقرأ غيبا وإذا وقف يفتح المصحف وينظر بدون وضوء هل يسوغ له ذلك أم لا؟ (الجواب) يجوز له ذلك؛ لأنه يدخل في المتعلم قال في المجموع: وجاز مسه لمعلم ومتعلم فيما يستدعيه التعليم وإن ما متذكرا يراجع بنية الحفظ والله أعلم.
(ما قولكم) في تعليق المصحف على أنه حرز بغير وضوء وفي تعليق بعضه على بهيمة لعين حصلت لها أو لخوف حصولها أفيدوا الجواب؟ (الجواب) يجوز قطعا تعليق الحرز من القرآن بساتر من جلد أو غيره يمنع من وصول الأذى إليه ولو على حائض أو نفساء أو جنب أو بهيمة كان حامله صحيحا أو مريضا إذا كان مسلما وأما الكافر فلا يجوز؛ لأنه يؤدي إلى امتهانه. وفي الدردير: وينبغي لكاتب الحرز وحامله حسن النية واعتقاد النفع مع الله تعالى ببركته اهـ وأما جعل المصحف كله حرزا فقيل يجوز؛ لأنه خرج عن هيئة المصحف وصرف لجهة أخرى فيجوز حمله بغير وضوء وقيل يمنع لبعد خروج الكامل عن هيئة المصحف وهما قولان متساويان كما يفيده الحطاب وفي حاشية الأمير على عبق: المعتمد أنه لا يجوز حمله بغير وضوء على أنه حرز إلا إذا غير عن هيئة المصاحف.
(ما قولكم) في كتب شيء من القرآن للسخونة وتبخير من به سخونة بحرق شيء مكتوب من القرآن هل يجوز مطلقا أو إن تعين طريقا للدواء من السخونة أم لا يجوز مطلقا. (الجواب) في حاشية العلامة العدوي علي الزرقاني: الظاهر أنه يجوز مطلقا. وسئل عج عن العوض الذي يؤخذ على كتابه الأحراز فأجاب: لا يمتنع أخذ العوض في كتابة الأحراز وفي الرقيا إذا كانت بما يفهم معناه وليس في فعله إثم وكذا بما لا يفهم إذا تكرر النفع به كما ذكره الآبى عن ابن عرفة وما وقع في طرر ابن عات مما يخالف ذلك ونقله بعض شراح المختصر في باب الجعل فهو غير معول عليه اهـ. وسئل عمن يكتب للناس للمحبة ويحل المربوط فأجاب كتابة ورقة المحبة ليست بسحر كما أفتى به ابن أبي زيد ومثله حل المربوط والله أعلم.
(ما قولكم) فيمن ربط المصحف بشيء ووضع ذلك الشيء على كتفه فصار القرآن خلف ظهره هل يعد ذلك من الامتهان المحرم أم لا؟ (الجواب) في الزرقاني: أن هذا ليس من الامتهان المحرم، والله أعلم.
(ما قولكم) في الاتكاء
1 / 11
بالظهر على حائط مكتوب فيه القرآن أو بعضه هل يحرم أم لا؟ (الجواب) في حاشية العدوي على الزرقاني: والظن كراهة ذلك إذا لم يقصد الإهانة والله أعلم.
(ما قولكم) في كتب شيء من القرآن في حائط أو سقف مسجد أو غيره هل يحرم أم لا؟ (الجواب) في الزرقاني: ويكره كتبه بحائط مسجد أو غيره وانظر هل محل الكراهة ما لم يكن ممتهنا كجعله في سقف مجلس يمشي فوقه بالنعل فيحرم أو الكراهة مطلقا لعدم قصد الامتهان، وهو الظاهر والله أعلم.
[مسألة]
يجوز التعامل بالدراهم وفيها أسماء الله وإن أدى إلى أن يمسها النجس قال ابن رشد: أجاز سلف هذه الأمة البيع والشراء بالدراهم وفيها أسماء الله وإن كان ذاك يؤدي إلى أن يمسها النجس واليهودي والنصراني ويكره للرجل في خاصة نفسه أن يشتري بها من كافر لما فيها من أسماء الله تعالى فمن امتنع من ذلك أجر ومن فعله لم يأثم اهـ عدوي على الزرقاني، وفي الفيشي: كره مالك إعطاء الكافر الدرهم فيه بعض آية ومقتضاه أن ما فيه آية كاملة لا يجوز إعطاؤه ما هي فيه اهـ
[مسألة]
يجوز مس الآيات المكتوبة في كتب العلم للمحدث فقها أو غيره وكذا كتب الرسائل للسلام ولو لجنب، قال سند: قال مالك: يكتب الجنب الصحيفة فيها بسم الله الرحمن الرحيم ومواعظ وآيات من القرآن ويقرأ الكتاب الذي يعرض عليه وفيه آيات من القرآن وأرجو أن يكون خفيفا نقله الزرقاني، وينبغي أن يكون هو المعول عليه خلافا لما نقله التتائي عن ابن حبيب من منع ذلك اهـ زرقاني.
(ما قولكم) في مس كرسي المصحف لغير المتوضئ هل يجوز أم لا؟ (الجواب) يحرم مس المصحف وإن بعود أو تقليب أوراقه به ويحرم حمله بالكرسي وأما مس الكرسي فلا يحرم وحرمه الشافعية وأجاز الحنفية مسه بعود وحمل الكرسي الذي عليه المصحف بل عندهم قول بقصر الحرمة على مس النقوش فمذهبنا وسط أفاده الدسوقي.
[مسألة]
يجوز مس اللوح لمعلم ومتعلم حال التعليم والتعلم وما ألحق بهما كحمله لبيته مثلا وإن كان كل من المعلم والمتعلم حائضا ولا جنبا وكذا مس المصحف الكامل لهما على المعتمد وإن كان حائضا لا جنبا خلافا لعج ومن وافقه حيث قال بجواز مسه لهما وإن كان كل منهما جنبا ولكنه لا يقرأ لقدرته على إزالة الجنابة قبل أن يقرأ فقد ضعفه عدوي في حاشيته على الزرقاني وفي حاشية الخرشي وإن كان اعتمد في حاشية عبق أن الجنب كالحائض وفي البناني كذلك والله الموفق للصواب.
(ما قولكم) في شخص جمع تهليل القرآن وقرأه كما يقرأ السورة هل يكره ذلك أم لا؟ (الجواب) إذا قصد به القرآن فإن رتبه على السور فلا بأس وإن نكس حرم إذا وقع في آيات سورة واحدة وإن وقع في آيات سور متعددة كره وإذا قصد به الذكر المجرد عن القرآن فلا بأس به غير أن مثل هذا لا يفعله إلا العامة، والاقتداء بالسلف أولى من إحداث البدع، أفاده الخرشي في كبيره
1 / 12
والله أعلم.
(ما قولكم) في الجنب هل يجوز له أن يقرأ شيئا من القرآن إذا قصد الذكر وهل له أن يقرأ القرآن لأجل التعوذ أو الرقى وإذا قلتم بالجواز هل يعد قارئا فله ثواب القراءة أم لا وهل يطالب بالاستعاذة والتسمية أم لا؟ (الجواب) يحرم على الجنب قراءة القرآن ولو قصد الذكر فقط خلافا للشافعي وإن لم يسمع نفسه وأما إجراؤه على قلبه فلا يمنع؛ لأنه لا يعد قراءة ويجوز التعوذ للجنب وفي المجموع ولا يتقيد به كالآية بل ظاهر كلامهم أن له قراءة ﴿قل أوحي﴾ وفي الحطاب عن الذخيرة: لا يتعوذ بنحو ﴿كذبت قوم لوط﴾ وتبعه الأجهوري وغيره ونوقش بأن القرآن كله حصن وشفاء وكما يجوز له التعوذ يجوز له الرقى والاستدلال وفي حاشية الخرشي وكذا يجوز اليسير لأجل التبرك وله أن يكرر عند تكرار الخوف أو الرقى أو التبرك، وقال الأجهوري ومن تبعه: إن المتعوذ ونحوه لا يعد قارئا فلا ثواب له؛ لأن الثواب منوط بالقصد امتثالا واستظهر في حاشية الخرشي أن له الثواب لأن التعوذ مأمور به، وقال في حاشية الزرقاني: قرر شيخنا ﵀ أن القارئ لتعوذ ونحوه لا يطالب بالاستعاذة لعدم قصد التلاوة بخلاف التسمية فإنها تقرأ في كل أمر مهم والله الملهم للصواب.
(ما قولكم) في الجنب إذا ركب دابة هل يجوز أن يقرأ قوله تعالى ﴿سبحان الذي سخر لنا هذا﴾. الآية؟ (الجواب) في الزرقاني: والظاهر أن من الرقيا ببعض القرآن وبغيره ما يقال عند ركوب الدابة ليدفع عنها مشقة الحمل فيجوز للجنب فيما يظهر ومنه ما روى الطبراني من حديث أبي الدرداء عنه ﵊: من قال إذا ركب الدابة بسم الله الرحمن الرحيم بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء سبحانه ليس له سمي سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلي ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وعليه السلام، قالت الدابة: بارك الله عليك من مؤمن خففت عن ظهري وأطعت ربك وأحسنت إلى نفسك بارك الله لك في سفرك وأنجح حاجتك والله أعلم.
[مسألة]
في فتاوى عج: ظاهر المدونة أن الوضوء من الماء المحبس عموما جائز وهو نص جواب عز الدين بن عبد السلام إذا قيل له ما جوابكم في الصهاريج التي بنيت للسبل هل يجوز الوضوء منها أم لا؟ فأجاب: أما الطهارة بماء الصهاريج الموقوفة للشرب فلا يجوز وإن وقفت للانتفاع جاز وإن شك جاز أن يعمل القدر المخفف ومثل هذا الجواب للمازري، وزاد في المشكوك فيه قوله: وينبغي أن يجتنب الوضوء منها للشك في ذلك.
(ما قولكم دام فضلكم) في إخراج الفال من المصحف هل يمنع أفيدوا؟ (الجواب) قال العلامة العدوي علي الزرقاني عند قوله في باب جمل: ويحرم اللعب بالطاب وفي معناه أيضا مما لا يجوز أخذ الفال من المصحف وفي الخفاجي على الشفاء نقل عن الإمام مالك ﵀ أنه لا يجوز التفاؤل من المصحف. وما وقع في فتاوى الصوفية من أن عليا كرم الله
1 / 13
وجهه فعله لا أصل له وفي كتب الشافعية جواز ذلك مع الكراهة اهـ.
(ما قولكم) في مسح الأطفال القرآن من ألواحهم بالريق وفي تقليب القرآن والكتب بالريق؟ (الجواب) في حاشية الخرشي: قال ابن الحاج في المدخل: لا يجوز مسح لوح القرآن أو بعضه بالبصاق ويتعين على معلم الصبيان منعهم ذلك واشتد نكير ابن العربي على من يلطخ صفحات أوراق المصحف بالريق وكذا كل كتاب يسهل قلبها قائلا: إنا لله على غلبة الجهل المؤدي للكفر. قال في المجموع: ولا يبلغ هذا الحد أي لا يبلغ هذا حد الكفر قد اغتفر الشافعية مثل ذلك.
(ما قولكم) في الإجارة على قراءة القرآن بالتطريب والأنغام هل هو مكروه أم لا؟ (الجواب) تكره الأجرة على قراءة القرآن؛ لأن القراءة على هذا الوجه مكروهة؛ لأن المقصود من القراءة التدبر، والتطريب ينافي ذلك وأما الإجارة على التلاوة فجائز وكذا على تعليمه مشاهرة ومقاطعة على جميعه أو على بعضه ورجيبة لمدة معلومة والمشاهرة غير لازمة لواحد منهما وأما الوجيبة والمقاطعة فلازمتان لكل منهما اهـ ملخصا من أقرب المسالك وص من باب الإجازة وفي المجموع: وقضى بالإضافة على الشرط أو العرف وهي للأول إن أقرأه غيره قبلها بيسير كالسدس لا إن ترك القرآن وبكثير للثاني اهـ.
(فوائد) الأولى: قال ﷺ: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» ويشمل الوالد بتعليمه ولده ولو علمه بدفع أجرة للمعلم وقد أجاب سحنون أبا ولد كان يطلب العلم عنده إذا توليت العمل بنفسك ولم تشغل ولدك عما هو فيه فأجرك في ذلك أعظم من الحج والرباط والجهاد.
الثانية: ذكر ابن عرفة عن القابسي: أن على المعلم زجر الولد في تكاسله بالوعيد والتقريع فإن لم يفد فالضرب بالسوط من واحد إلى ثلاثة ضرب إيلام دون تأثير في العضو فإن لم يفد زاد إلى العشرة فإن لم يفد فلا بأس بالزيادة عليها.
الثالثة: سئل أنس كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ﵃ قال: كان للمؤدب إناء فيه ماء طاهر يمحون به الصبيان ألواحهم ثم يصبون ذلك الماء في حفرة من الأرض فتنشق اهـ.
وقال القابسي: وينبغي أن يصب ذلك الماء في المواضع البعيدة عن النجاسة وكان معلمنا يأمرنا بصبه في حفرة بين القبور ذكره ص في باب الإجارة عن بن. وفي الأمير على عبق في بن: جواز الزجر بنحو يا قرد بالنظر وأن الصبيان إذا كانوا لا يتحفظون من النجاسة لم يجز تعليمهم في المساجد، ولكن قدمنا في أحكام المساجد عن درس أن المذهب منع تعليم الصبيان فيه مطلقا كانوا مظنة للعبث والتقذير أم لا؛ لأن الغالب عدم تحفظهم من النجاسة.
(فصل) في استعمال الحرير والنقدين (ما قولكم) فيمن فرش على خالص الحرير شيئا كثيفا هل يجوز له الجلوس عليه أم لا؟ (الجواب) في المعيار: قال بعض حذاق التونسيين: يؤخذ من قولهم من فرش فوق النجاسة طاهرا وصلى صحت
1 / 14
صلاته جواز جلوس الرجل على خالص الحرير إذا جعل عليه كثيفا غيره وينسبه ما غشي من آنية الذهب برصاص وفي الزرقاني عند قول العزية: ويحرم على الرجال لبس الحرير والجلوس عليه ثم إن حرمة الجلوس ولو بحائل ويحرم النظر لمن يجلس عليه. وفي المجموع عطفا على المحرم: وحرير ولو مع كثيف حائل كما قال الزرقاني وأجاز الحنفية فرشته وتوسده ووافقهم ابن الماجشون اهـ، وبهذا تعلم ضعف ما قاله بعض حذاق التونسيين والله أعلم.
(ما قولكم) في ولي الصغير هل يجوز له إلباسه الحرير والنقدين أم لا؟ (الجواب) المعتمد أنه لا يحرم عليه أن يلبسه ذلك وإنما يكره له فقط إلباسه الذهب والحرير ويجوز له إلباسه الفضة كذا في الزرقاني. قال العلامة العدوي: ولعل الفرق بين الفضة حيث جازت دون الحرير والذهب فيكرهان أن الفضة جاز لبسها في الجملة حيث جاز للرجل لبس الخاتم منها وزنه درهمان فأقل والله أعلم.
(ما قولكم) فيمن ينسج عمائم من الحرير هل يجوز أم لا؟ وهل بيعها مباح أم لا؟ (الجواب) في الزرقاني سئل ابن غازي عن هذا فأجاب: لا بأس ببيعها وعملها وإن كانت مما تلبسه الرجال فقط؛ لأنه قد يشتريها من لا يلبسها ومن يصرفها في غير اللباس أي بأن يجعلها سترا فإن تحقق أو غلب على ظنه صرفها في لباس الرجال فإنه يحرم عليه ذلك فإن شك في ذلك جاز كما هو مقتضى كلام ابن غازي اهـ بزيادة من حاشية العلامة العدوي والله أعلم.
(ما قولكم) فيما يفعله بعض الحجاج من جعل الحرير على الجمال هل يمنع أم لا؟ (الجواب) في حاشية الخرشي: الظاهر المنع والله أعلم.
(ما قولكم) في استعمال الحرير لحكة أو جهاد وما حكم افتراشه والاستناد إليه. (الجواب) المشهور منعه لحكة ما لم يتعين طريقا للدواء وكذا يمنع لجهاد على المشهور خلافا لابن الماجشون فيهما وكذا يمنع افتراشه والاستناد إليه، وقال ابن الماجشون: يجوز الجلوس والركوب عليه والارتفاق به ولو من غير حائل لما في ذلك من امتهانه اهـ خرشي بزيادة من عدوي.
(ما قولكم) في الراية التي تكون للجهاد هل تجوز من حرير كراية الجهاد أم لا؟ (الجواب) في المجموع عطفا على ما يجوز: وراية لخصوص الجهاد أي وجاز استعمال الحرير حالة كونه راية لخصوص الجهاد لا لولي والله أعلم.
[مسألة]
في حاشية العلامة العدوي على الزرقاني: أن العلم من الحرير الخالص قياما ولحمة اختلف في القليل منه الذي لا يحرم فقيل: قدر إصبع، وقيل: قدر إصبعين، وقيل: ثلاثة، وقيل: أربعة. ثم قيل: إن القليل المذكور مكروه، وقيل: جائز، وأما ما كان أقل من إصبع فإنه جائز اتفاقا.
[مسألة]
اختلف في الخز وهو ما سداه حرير ولحمته وبر أو قطن أو كتان. فقيل: يجوز لبسه وصححه في القبس، وقيل: يكره واستظهره ابن رشد وهو المعتمد وأما ما سداه وبر ونحوه ولحمته حرير فذكر عج الكراهية فيه أيضا وزاد على ذلك ما نصه: ويبقى النظر فيما أحد هذين أي السداء واللحمة من
1 / 15
الحرير وبعضه الآخر منه ومن غيره هل يتفق على حرمته وهو الظاهر ولا يخالف هذا قول بعضهم إن الخز قد يكون أكثره حريرا إذ يحمل على ما إذا كان أحد هذين فيه حرير وهو أكثر انتهى. وحكى بعض الأشياخ الحرمة، وقد كان شيخنا ﵀ قررها اهـ ملخصا من الزرقاني والعدوي من باب جمل وعبارة المجموع وكره ما نسج بحرير وغيره وهو الخز ولو كانت اللحمة حرير كما نص عليه بعض شراح الرسالة ولبعض شرح الأصل منعه لغلبة اللحمة اهـ.
[مسألة]
يجوز السجاف من الحرير إذا كان قليلا والمراد بالقليل ما دون الثلث والكثير الثلث فأكثر؛ لأن الثلث من حيز الكثير في غالب المسائل والفرق بين السجاف والعلم أن العلم أشد اتصالا بالثوب وبعضهم قاس السجاف على العلم فلذلك جزم الشيخ أحمد النفراوي بحرمة ما زاد على أربعة أصابع كذا في حاشية الخرشي، وفي المجموع عطفا على الجائزات: وسجافا أي وجاز الحرير حالة كونه سجافا لائقا باللابس وفاقا للشافعية.
(ما قولكم) في تحلية آلة الحرب بأحد النقدين هل يجوز أم لا؟ (الجواب) لا يجوز تحلية شيء من آلات الحرب إلا السيف فإنه يجوز تحليته بذهب أو فضة سواء كان في قبضته أو جفيره لورود السنة بجواز تحليته بأحدهما ومحل جواز ذلك إذا كان السيف للجهاد وأما لو كان لحمله في بلاد الإسلام فإنه لا يجوز وأما بقية آلات الحرب كالخنجر والجنبية والسكين والرمح فيحرم تحليتها بأحد النقدين اقتصارا على الوارد؛ لأنه ورد في السنة إلا تحلية السيف فقط وكذلك يحرم تحلية السرج والركاب واللجام بأحد النقدين اهـ ملخصا من خرشي وعدوي ومجموع بتوضيح.
(فصل) في خصوصياته ﷺ
[مسألة]
إن قلت كيف قال الله تعالى: ﴿ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾ مع أنه ﷺ سيد المعصومين؟ قلت قال الحافظ السيوطي: إن أحسن ما يجاب به عن هذا أنه كنى بالمغفرة عن العصمة أي ليعصمنك الله تعالى عن الذنب فيما تقدم من عمرك وفيما تأخر وقد نص غير واحد على أن المغفرة والعفو والتوبة جاءت في القرآن والسنة في معرض الإسقاط والترخيص وإن لم يكن ذنب ومنه ﴿عفا الله عنك لما أذنت لهم﴾؟ عفا الله لكم عن صدقة الخيل والرقيق، ﴿فإن لم تفعلوا وتاب الله عليكم﴾، ﴿علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم﴾: أي رخص لكم والله أعلم.
(فصل) في بيان الأعلام الطاهرة
[مسألة]
قولهم لعاب الحي طاهر: محله إن خرج من غير المعدة وأما الخارج منها فنجس وعلامته أن يكون أصفر منتنا اهـ صاوي.
(فائدة) كان البحر الملح عذبا في الأصل فحصلت له المرارة من قتل قابيل لهابيل
1 / 16
ومن ذلك الوقت تغيرت الأطعمة وحمضت الفواكه وغير ذلك كما في حاشية الخرشي.
[مسألة]
الصفراء طاهرة وهي ماء أصفر ملتحم يخرج من المعدة يشبه الصبغ الزعفراني؛ لأن المعدة عندنا طاهرة فما خرج منها طاهر ما لم يستحل إلى فساد كالقيء للتغير.
قال الأمير فيه: أي في قولهم المعدة طاهرة أن الطاهر المعدة بمعنى الجلدة حيث أظهرت كلها وما الذي فيها فلا حكم له قبل انفصاله وبعده نجس اهـ.
(ما قولكم) في الفسيخ وهو السمك المملح الموضوع بعضه فوق بعض هل هو طاهر يجوز أكله أم نجس؟ (الجواب) قال في حاشية الصاوي: ونظر بعضهم في الدم المسفوح من السمك هل هو الخارج عند التقطيع الأول لا ما خرج عند التقطيع الثاني. وقال ابن العربي بطهارة دم السمك مطلقا ويترتب على الخلاف جواز أكل الفسيخ وعدم جوازه، فعلى القول بنجاسة دمه لا يؤكل منه إلا الصف الأول وعلى كلام ابن العربي يؤكل كله. وقد كان العلامة الدردير يقول: الذي أدين الله به أن الفسيخ طاهر؛ لأنه لا يملح ولا يرضخ إلا بعد الموت والدم المسفوح لا يحكم بنجاسته إلا بعد خروجه وبعد موت السمك إن وجد فيه دم يكون كالباقي في العروق بعد الذكاة الشرعية والرطوبات الخارجة منه بعد ذلك طاهرة لا شك في ذلك، ومذهب الحنفية أن الخارج من السمك ليس منه بدم؛ لأنه لا دم له عندهم وحينئذ فهو طاهر على كل حال وعلى القول بنجاسة الدم المسفوح منه إذا شك هل هذا السمك من الصف الأول أو من غيره أكل؛ لأن الطعام لا يطرح بالشك اهـ.
[مسألة]
قولهم الفخار إذا حلت به نجاسة مائعة غاصت وسرت في أجزائه لا يقبل التطهير والظاهر أن الفخار البالي الذي كثر استعماله إن حلت نجاسة غواصة يقبل التطهير ثم إن عدم قبول الإناء التطهير إنما هو باعتبار أنه لا يصلى به مثلا وأما الطعام فلا ينجس إذا وضع فيه بعد غسله؛ لأنه لم يبق فيه أجزاء النجاسة كما قاله أبو علي المسناوي.
(ما قولكم) في دود الطعام والنمل إذا سقط في الطعام هل يؤكل الطعام الموجود فيه ما ذكر أم لا؟ (الجواب) ذكر في المجموع: أن المتولد من الطعام كدود الجبن وسوس الفاكهة يؤكل مطلقا وأما غيره كالنمل فإن كان حيا وجبت نية ذكاته وإن كان ميتا فإن تميز أخرج ولو واحدة وإن لم يتميز أكل إن كان الطعام غالبا لا إن كان أقل أو ساوى على الراجح، فإن شك هل غلب الطعام أو لا فلا يطرح بالشك وليس كضفدعة شك هل بحرية أم برية فلا تؤكل لعدم الجزم بإباحتها والله أعلم.
(ما قولكم) إذا وقع الفأر في زلعة جبن حالوم فهل يجوز أكل الجبن بعد غسله أم لا لسريان النجاسة فيه؟ (الجواب) إن علمنا وقوعه بعد صيرورته حالوما فإنه يغسل ويؤكل وإن كان قبل ذلك لم يؤكل ولو غسل وإن شككنا في وقت وقوعه فإنه يغسل ويؤكل إذ لا يطرح الطعام بالشك
1 / 17
كذا أجاب عج والله أعلم.
(ما قولكم) في السمك الصغير الذي يملح ويقال له الملوحة هل يجوز أكله ولو تغيرت رائحته أو التغير ناقل له عن الإباحة؟ (الجواب) في فتاوى الأجهوري: لا شك أن ميتة البحر طاهرة ولو تغيرت ونتنت ويؤكل ما لم يتحقق ضرره. قال في المدونة: إذا ملحت حيتان فأصيب فيها ضفادع ميتة فلا بأس بأكلها؛؛لأنها من صيد البحر. انتهى. وسواء نتنت أم لا ولم يقيدها أحد بما إذا لم تنتن، فإن قلت: قد تقرر أن دم السمك نجس فما ملح منه نجس لوجود الدم فيه. قلت: لا نسلم أن السمك الصغير الذي يجعل ملوحة منه وإن سلم فإنما يحكم على دم السمك بالنجاسة حيث انفصل عنه إذ هو حينئذ من الدم المسفوح وأما ما دام فيه فهو طاهر وليس من المسفوح فلا يكون نجسا وهذا صريح في كلامهم وبه تندفع المعارضة بين قولهم ميتة البحر طاهرة وبين قولهم الدم المسفوح نجس اهـ والله أعلم.
(ما قولكم) في الدم المسفوح المحكوم بنجاسته هل هو الخارج عند الذبح وإذا كان كذلك فما حكم الخارج بعد السلخ حين تعلق الشاة ويضربها الجزار في لبتها هل هو من المسفوح أم لا وما حكم الدم الخارج من ميتة البحر بعد موتها هل هو حكم لحمها أم لا؟ (الجواب) سئل العلامة الأجهوري عن هذا فأجاب: الدم المسفوح هو الخارج عند التذكية وما يخرج من الشاة ونحوها عند تعليقها وفتح لبتها فهو من المسفوح وما يوجد في باطن البهيمة عند شق جوفها مسفوح ودم السمك المنفصل عنه نجس سواء انفصل عنه في حال حياته أو بعد موته وأما ما دام به في محله فهو طاهر اهـ والله أعلم.
(ما قولكم) في استعمال المرقد لأجل قطع عضو كالسيكران هل يجوز استعماله لشخص يراد أن يقطع منه عضو أم لا؟ (الجواب) في المجموع: والظاهر جواز ما يسقى من المرقد لقطع عضو ونحوه؛ لأن ضرر المرقد مأمون وضرر العضو غير مأمون والله أعلم.
[مسألة]
في فتاوى عج: سئل عن الفسيخ؟ فأجاب: السمك إن غسل من دمه وملح بحيث لا يخرج منه دم يشربه بعضه فطاهر وإلا فمتنجس اهـ.
[مسألة]
في فتاويه المذكورة أيضا: يكره غسل اليدين بدقيق الترمس ونحوه ولا يخالف هذا قول ابن وهب عن مالك أنه لا بأس أن يتدلك بنحو الفول؛ لأن الأصل أن " لا بأس " تستعمل فيما غيره خير منه؛ ولذا قال ابن رشد في قول مالك لا بأس أن يكنى الصبي: أن تعبيره بـ" لا بأس " يدل على أن ترك تكنيته خير من فعلها ويكره الغسل بالنخالة؛؛لأنها من أصل الطعام وربما أكلت في الشدة، ويكره الغسل بالعسل واللبن وامتشاط المرأة بما يعمل من التمر والزبيب.
[مسألة]
إذا وضع نحو الدجاج في الماء الحار لأجل إخراج ريشه فيغسل ويؤكل؛ لأن هذا ليس بطبخ حتى يقال أن النجاسة سرت في أعماقه كما يستفاد من النوادر كذا في الفتوى المذكورة.
(ما قولكم) في القلس هل هو طاهر ولو تغير عن حالة الطعام أو ينجس بمطلق التغير كالقيء؟
1 / 18
(الجواب) قال في المجموع: ولا ينجس القلس إلا بمشابهة العذرة فلا يضر حموضته لخفته وتكرره وهل كذلك القيء أو بمطلق التغيير وهو ظاهر المدونة تأويلان. هذا حاصل ما حرره الرماصي وردَّ على الحطاب والجماعة في تشهيرهم التنجيس بمطلق التغير فيهما اهـ والله أعلم.
(ما قولكم) في الآجر المحروق بالنار هل يكون طاهرا إذا كانت طينته مخلوطة بزبل الخيل ونحوها؟ (الجواب) نعم هو طاهر. قال في المجموع: ورماد النجس ودخانه طاهران على الراجح والله أعلم.
(فصل) في أحكام المياه
(ما قولكم) في تغير الماء عند تسخينه بدخان الحطب مثلا هل يضر أم لا؟ (الجواب) إذا تغير الماء بدخان فإن كان الإناء الذي فيه الماء بغطاء محكم لا يضر ذلك التغيير فيستعمل في العبادات؛ لأنه من المتغير بالمجاور غير الملاصق فلا يضر ولو فرض أنه غير اللون والطعم خلافا لما في الخرشي، وأما إذا أتى الدخان على سطح الماء فهو من الملاصق والتغير بالملاصق فيه خلاف فابن الحاجب والشيخ خليل وجماعة على عدم الضرر والموضوع تغير الريح فقط، وأما تغير الطعم واللون بالملاصق فيضر؛ لأنه يحمل على أنه مازج الماء وارتضى هذا القول الحطاب، وقال ابن عرفة وجماعة آخرون: يضر التغير بالملاصق وارتضاه ابن مرزوق. انتهى ملخصا من المجموع وحاشيته وحاشية الخرشي.
[مسألة]
الذي يضر في التغير بنحو بخار المصطكى أن يبخر الإناء فارغا ويحبس البخار حتى يصب عليه الماء وأما إذا تغير الماء من إناء مبخر بعد ذهاب الدخان منه فهو من التغير بالمجاور كما قال عبق والشيخ العدوي، أي: فلا يضر إذا تغير ريح الماء فقط كما اقتصر عليه الدردير، وأما اللون والطعم فيضر لما في حاشية الخرشي من أن المجاور الملاصق إذا غير اللون والطعم يحمل على أنه مازج للماء.
(فصل) في إزالة النجاسة (ما قولكم) فيمن فرضه الإيماء في سجوده وأومأ إلى محل به نجاسة هل تبطل صلاته؛ لأنه يجب تطهير مكان المصلى وقد فسره بعضهم بأنه محل قيامه وسجوده وجلوسه أم لا تبطل أفيدوا الجواب؟ (الجواب) الراجح صحة صلاته؛ لأن مكان المصلي الذي يجب تطهيره هو ما تماسه أعضاؤه بالفعل وتفسير بعضهم بأنه محل قيامه إلخ يحمل على ما إذا سجد بالفعل فلا يجب على المومي طهارة محل السجود أفاده الزرقاني
(ما قولكم) في رداء المصلي إذا وقع وهو طاهر على نجاسة جافة هل تبطل صلاته كما قالوه في طرف عمامته إذا كان نجسا وألقي بالأرض ولو لم يتحرك بحركته أم لا تبطل أفيدوا الجواب. (الجواب) حيث كان الرداء طاهرا فلا يضر كما قال الزرقاني ولا يضر استطراق رداء المصلي على نجاسة جافة اهـ وفي المعيار: أن الإمام البرزلي قال: أحفظ في الإكمال أن يثاب المصلي إن كانت تمس النجاسة ولا يجلس عليها لا تضره وأما طرف عمامة المصلي
1 / 19
فما بطلت الصلاة إلا لنجاسته وقد قالوا تجب إزالة النجاسة عن محمول المصلي ولو حكما فيدخل فيه طرف العمامة المتنجس ولو لم يتحرك بحركته والله أعلم.
(ما قولكم) فيمن حرك نعله المتنجس وهو في الصلاة هل يقطع صلاته لبطلانها أم لا؟ (الجواب) قال الزرقاني: والصواب عدم القطع فيمن حرك نعله المتنجس حيث مسه من محل طهارته؛ لأنه ليس بحامل والقطع فيمن رفعه؛ لأنه حامل وقال في المعيار؛ لأن الغالب الدخول به في مواضع النجاسة بخلاف القبقاب فإنه يغسل.
(ما قولكم) فيما يصيب الثوب من انتفاض الكلب أو من ذيل الفرس هل ينجسه أم لا؟ (الجواب) قال في المعيار: وما يصيب الثوب من انتفاض الكلب أو ذيل الفرس لا يوجب حكما؛ لأن الحيوانات محمولة على الطهارة اهـ وهذا ما لم يعلم أن ما أصاب الثوب من الانتفاض نجس وإلا وجب غسله والله أعلم.
(ما قولكم) فيمن ذكر نجاسة في الصلاة وهم بالقطع فنسى وتمادى فهل تبطل صلاته أفيدوا الجواب. (الجواب) تبطل صلاته على الأصح خلافا لابن العربي القائل بالصحة كذا في الزرقاني وفي حاشية الخرشي: أن ما قاله ابن العربي قول ابن القاسم وهو الظاهر لعذره بالنسيان وهو المناسب ليسر الدين والله أعلم.
(ما قولكم) فيمن رفع رأسه من السجود فرأى نجاسة في محل السجود؟ (الجواب) قال ابن عرفة: يقطع وهو الراجح بناء على أنه لا يشترط مع علمه في الصلاة بالنجاسة التلبس بها. وذهب بعض متأخري فقهاء القرويين إلى أنه يتمادى ولا يقطع ويعيد في الوقت كمن نسي غسلها قبل الدخول ولم يتذكر إلا بعد السلام وهذا مبني على أنه لا بد أن يصحب علمه في الصلاة بالنجاسة التلبس بها ومثل هذا من رأى في صلاته بعمامته نجاسة بعد سقوطها ذكره الزرقاني وغيره والله أعلم.
(ما قولكم) فيما يفعله الصاغة من إحماء نحو الذهب والفضة بالنار وإطفائه في الماء النجس بعد إخراجه من النار هل يطهر إذا غسل بعد ذلك بالماء الطاهر أم لا؟ (الجواب) يطهر إذا غسل بالماء؛ لأن النجاسة لا تغوص في أعماقه وإنما أزال الله الحرارة التي حصلت بالنار عند وجود الماء فإذا انفصلت فلا يقبل بعد ذلك شيئا يداخله فليس هناك قدر زائد على الواقع من انفصال الحرارة عن نحو الذهب والفضة والحديد بمداخلة الماء إياها. أفاده في المعيار، وفي ضوء الشموع: لو شرب نحو الحديد من الماء النجس لزاد وزنه وهو خلاف المشاهد والله أعلم.
(ما قولكم) في الشك في الطريق هل يؤثر أم لا؟ (الجواب) ذكر في المجموع: أن الشك لا أثر له في المطعومات وكذا في نجاسة الطرقات كما في الخرشي عن ابن عرفة والله أعلم.
(ما قولكم) في المأموم إذا رأى نجاسة بإمامه وهو بعيد عنه هل يكلمه أم لا؟ (الجواب) قال في المجموع: وإن علمها مأموم بإمامه أراه إياها ولا يمسها فإن بعد فوق الثلاث صفوف كلمه واستخلف فإن تبعه بعد رؤيته النجاسة بطلت على
1 / 20
المأموم أيضا والله أعلم.
(ما قولكم) في الخنزير إذا ولغ في إناء هل حكمه حكم الكلب من أنه إذا ولغ في الإناء يندب إراقة الماء الذي ولغ فيه وغسل الإناء سبعا تعبدا بلا نية ولا ترتيب أم كيف الحال أفيدوا الجواب؟ (الجواب) ذكر في المجموع: أن ندب إراقة الماء من الإناء الذي ولغ فيه الكلب وغسله سبعا لأجل التعبد ولذلك لم يطلب في الخنزير أي؛ لأن الشارع لم يتعبدنا بذلك فيه وقيل: لخشية الداء الذي يصيب الكلب المسمى بالكَلَب بفتح اللام؛ لأن الكلب يرد الماء كثيرا في أوائل إصابة ذلك الداء والله أعلم.
(ما قولكم) فيما يجعل على سطح المنزل أو البيت من الرماد الذي أصله مما يجتمع من الزبل والروث وغير ذلك ويحرق ويجعل على السطوح كالجير لأجل أن يمنع من كثرة القطر فإذا قطر منه شيء فما حكمه؟ (الجواب) في المعيار سئل ابن عرفة عن ذلك فأجاب: بأنه في أول ما يقطر نجس ثم يطهر بعد ذلك فلا يضر ما ينزل منه والله أعلم.
(ما قولكم) في حصير فيه ثقب لا تصل ثياب المصلي إلى ما تحته من النجاسة لكنه يستقر على الأعلى فهل إذا جلس عليه تبطل صلاته أم لا أفيدوا الجواب؟ (الجواب) في المعيار أن العلامة الغبريني أجاب بصحة الصلاة وأجاب ابن عرفة بأنه يعيد صلاته لصحة اتصاله بالنجاسة والله أعلم.
(ما قولكم) في رجل صلى إلى جنب من يتحقق نجاسة ثوبه ولاصقه هل تبطل صلاته أم لا أفيدوا الجواب؟ (الجواب) في المعيار قال البرزلي: أحفظ في الإكمال أن ثياب المصلي إن كانت تمس النجاسة ولا يجلس عليها لا تضره وإن استند إليه ففي المدونة: ولا يستند لحائض ولا جنب فقيل؛ لأن المستند شريك المستند إليه، وقيل لنجاسة ثياب المستند إليه ويعيد من فعل ذلك في الوقت، ومن الاستناد من دفع نعله بيده مع تحقق نجاسته والله أعلم.
[مسألة]
إذا جاء ثوب شخص نجس على كتف المصلي بحيث يعد حاملا له لا تبطل صلاته؛ لأن الثوب منسوب ومحمول للابسه كما في حاشية الخرشي
(ما قولكم) في القلس هل هو طاهر أم نجس (الجواب) قال في المجموع: ولا ينجس القلس إلا بمشابهة العذرة فلا تضر حموضته لخفته وتكرره والله أعلم.
(ما قولكم) في الخمر وغيره من النجاسات هل يجوز التداوي بشيء من ذلك أم لا (الجواب) قال في المجموع: ولا يجوز الدواء بالخمر ولو تعين وفي غيره خلاف، وأجازوه للغصة لا العطش؛ لأنه يزيده وأجازه الحنفية لأجل العطش وأجازه الشافعية لدفع الهلاك من عدم الرطوبة لا للعطش نفسه. اهـ.
وفي حاشية الخرشي من باب البيوع: والحاصل أنه قد ذكر النووي ما نصه: والأصح عند الشافعية حل التداوي بكل نجس إلا الخمر، والخبر موضعه إذا لم يوجد طاهر يغني عن النجس جمعا بين الأخبار. اهـ. والله أعلم.
(ما قولكم) في دخول المقبرة بالأنعلة هل هو جائز أم لا؟ (الجواب) ذكر في المعيار أن دخول المقبرة بالأنعلة جائز؛ لأن النبي - صلى
1 / 21