الشيخ يحيي الحطاب في مناسكه: وممن صرح بكراهة استعماله في النجاسات ابن بشير، قال: وأهل مكة يحكون: أن رجلًا استنجى به فحدث له الباسور، فكيف يصح مع هذا ونحوه مما هو محرر في كتب الفقه والمناسك أن يدعي أن له حكم الكنيف في الدخول والخروج؟! سبحانك هذا بهتان عظيم، وجهل فاضح سقيم، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلتفت لمثل هذه الفتوى فضلًا على أن يعتمد عليها في فتواه والله الهادي إلى الصواب وإليه المرجع والمآب.
(فصل) في قصر صلاة المسافر
[مسألة]
يسن لمريد سفر أربعة برد قصر الصلاة الرباعية ولو كان سفره على خلاف العادة، فمتى كان يقطع هذه المسافة قصر، ولو قطعها في لحظة بطيران ونحوه، والبريد أربعة فراسخ، والفرسخ ثلاثة أميال، كل ميل ثلاثة آلاف ذراع وخمسمائة، وقيل: ستة آلاف ذراع بالهاشمي، ومفاد بعضهم أن هذا القول هو الراجح، والذراع الهاشمي ينقص على الذراع الحديد المعروف الآن الثمن، فتكون الستة آلاف خمسة آلاف ومائتين وخمسين ذراعًا بالحديد، وهي باعتبار الزمن مرحلتان أي سير يومين معتدلين، أو يوم وليلة بسير الإبل المثقلة بالأحمال على المعتاد من سير وحط وترحال وأكل وشرب وصلاة معتبرة، ولو كانت هذه المسافة كلها ببحر أو بعضها ببحر وبعضها ببر تقدمت مسافة البحر أو تأخرت وهذا قول عبد الملك، واعتمده العلامة الدردير في تقريره ولا يقصر ما دام في المرسى حيث لم يجزم بالسير، أو كانت المرسى داخل البساتين المسكونة، وإلا قصر، ولو كان بالمرسى، ولا يجوز الإقدام على القصر فيما دون هذه المسافة التي جملة أميالها ثمانية وأربعون ميلًا، وإنما الخلاف فيما إذا وقع منه القصر فيما دون ذلك، هل يعيد أم لا؟ قال ابن رشد: لا إعادة على من قصر فيما بين ثمانية وأربعين إلى أربعين، وإما إذا قصر فيما بين الأربعين إلى ستة وثلاثين بإدخال الغاية ففي الإعادة في الوقت وعدم الإعادة قولان، والراجح عدم الإعادة، وإذا قصر فيما دون الستة والثلاثين يعيد أبدًا. اهـ ملخصًا من الخرشي وحاشية العدوي وحاشية الصاوي والأمير على عبق.
[مسألة]
يقطع حكم السفر نزول مكان نوى فيه إقامة أربعة أيام صحاح، فيلغي يوم الدخول المسبوق بالفجر، ويوم الخروج فلا بد أن تستلزم الأربعة أيام عشرين صلاة بأن دخل قبل فجر السبت ونوى الارتحال بعد عشاء يوم الثلاثاء هذا هو المعتمد خلافًا لسحنون، حيث اعتبر العشرين صلاة فقط سواء كانت في أربعة أيام صحاح أم لا؟ وأما إذا أقام الحاجة فاتفق أنه أقام شهورًا يرجو قضاءها في كل يوم فإنه يقصر.
[مسألة]
إذا نوى إقامة أربعة أيام وبعد تلك الإقامة عزم على السفر فقال سحنون: لا يقصر حتى يعظ كابتداء السفر، وقال ابن حبيب: متى عزم على السفر يقصر رفعًا للنية بالنية، قال ابن ناجي: وبالأول أقول، شاهدت شيخنا يفتي به. اهـ من حاشية الخرشي.
1 / 57