Qawacid Tahdith
قواعد التحديث
Publisher
دار الكتب العلمية-بيروت
Publisher Location
لبنان
ولا غيركم، بل صاروا إلى ما وجب عليهم من قبول الخبر عن رسول الله ﷺ وترك كل عمل خالفه. ولو بلغ عمر هذا صار إليه إن شاء الله، كما صار إلى غيره مما بلغه عن رسول الله ﷺ بتقواه لله وتأديته الواجب عليه في اتباع أمر رسول الله ﷺ وعلمه بأن ليس لأحد مع رسول الله ﷺ أمر، وأن طاعة الله في اتباع أمر رسول الله ﷺ. قال الشافعي: "فإن قال لي قائل: فادللني على أن عمر عمل شيئًا ثم صار إلى غيره لخبر عن رسول الله ﷺ قلت: فإن أوجدتكه، قال: ففي إيجادك إياي ذلك دليل على أمرين: أحدهما: أنه قد يعمل من جهة الرأي إذا لم يجد سنة والآخر: أن السنة إذا وجدت عليه ترك عمل نفسه، ووجب على الناس ترك كل عمل، وجدت السنة بخلافة، وإبطال أن السنة لا تثبت إلا بخبر تقدمها وعلم أنه لا يوهيها شيء إن خالفها قال الشافعي: "أخبرنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب ﵁ كان يقول والدية على العاقلة، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئًا حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله ﷺ كتب إليه أن يورث امرأة أشيم الضباني من ديته فرجع إليه عمر. قال الشافعي: أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار، وابن طاوس عن طاوس أن عمر قال: أذكر الله امرأ سمع من النبي ﷺ في الجنين شيئًا فقام حمل بن مالك بن النابغة فقال: كنت بين جاريتين لي -يعني ضرتين- فضربت إحداهما الأخرى بمسطح فألقت جنينًا ميتًا فقضى فيه رسول الله ﷺ بغرة١ فقال عمر ﵁: لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا، وقال غيره: إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا قال الشافعي: فقد رجع عمر عما كان يقضي به لحديث الضحاك إلى أن خالف فيه حكم نفسه، وأخبر في الجنين أنه لو لم يسمع بهذا لقضى فيه بغيره، وقال: إن كدنا أن نقضي في مثل هذا بآرائنا قال الشافعي: يخبر -والله أعلم- أن السنة إذا كانت موجودة بأن في النفس مائة من الإبل فلا يعدو الجنين أن يكون حيًّا فتكون فيه مائة من الإبل، أو ميتا فلا شيء فيه فلما أخبر بقضاء رسول الله ﷺ فيه سلم له، ولم يجعل لنفسه إلا اتباعه فيما مضى حكمه بخلافه وفيما كان رأيا منه لم يبلغه عن رسول الله ﷺ فيه شيء، فلما بلغه خلاف فعله صار إلى حكم رسول الله ﷺ وترك حكم نفسه وكذلك كان في كل أمره، وكذلك يلزم الناس أن يكونوا. ا. هـ.
١ قصة حمل بن مالك أخرجها ابن داود والنسائي وغيرهما من حديث ابن عباس.
1 / 303