Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
ومع ذلك فتسكن الخشية والإشفاق، والتسليم للأحكام، والرضا عن المنازعة للأقدار، والخضوع والذل والانكسار لعظمة الملك القهار في محل نفسه ؛ لأنها محل الأمن والدعة، والمنازعة والتحير والاستبداد، فتتبدل تلك الصفات المذمومة بهذه الصفات المحمودة.
وأن يسكن التفتيش عن الأوامر والنواهي ومراعاتها في أوقاتها وحدودها المشروعة في محل عقله ؛ لأنه في محل التفتيش عن المصالح الدنيوية والنظر في المصالح والمعاطب المعيشية، فينظر في هذا الأمر الشرعي كما ينظر في الأمر الدنيوي.
وأن يسكن التعلق بالله، والاستعانة به، والتوكل عليه، والتفويض لأمره، والحياء من نظره وسمعه، وعلمه في حركاته وأقواله، وهمومه وإراداته، فتخمد الخواطر إجلالا لعظمته في محل قلبه؛ لأنه محل التعلق والطمع والرجاء، والرغبة والرهبة لغير الله تعالى من الأمور العاجلة الدنيوية، فتتبدل تلك الصفات منه بهذه الصفات.
وأن يسكن الحب والانجذاب بصبغة المحبة في محل روحه، لأنها محل محبة غير الله، والانجذاب إليه مما يجب ويستحسن من الأمور الفانية والصور الفانية، فيتبدل ذلك منها بهذه الصفات المحمودة.
فمن اجتمعت فيه هذه الصفات واستحكمت فيه، وانصبغ ظاهره وباطنه بها، ورزق القيام بأحكام جميع ذلك فهو الكامل في وصوله، وكمال كل بحسبه، وبالله المستعان.
Page 236