Qawaʿid fi al-suluk ila Al-lah taʿala
قواعد في السلوك الى الله تعالى
Genres
ذلك؛ دخل عليه داخل من جهة تضييع الأمر الخاص، في الوقت الخاص، فينقص صاحبه بذلك، أو يعصي.
وكذلك لا يقنع من نفسه مع محبته لله الخاصة وعباداته القلبية وتأمله لأحكام شريعة ربه بتدبير نفسه واختيارها وصولتها وتيهها بما رزقته من الأحوال والأعمال والعلوم، بل يكون مع جميع ذلك خاضعا لربه، مفوضا إليه، غير مستبد ولا متخير، وذلك في حال محبته الخاصة وأعماله القلبية وعلومه التأملية، فإنه متى انفك جميع ذلك عن عبوديات النفس، تحركت بجميع مقتضى طبيعتها وجبلتها، فكدرت الوقت، وشوشت السر، وأفسدت الأحوال والأعمال؛ فإن الكبر والعجب محبط، والتدبير والاختيار للحظوظ مؤخر مبعد.
وكذلك لا يقنع من وجود ذاته في محبته الخاصة وأعماله القلبية، وعلومه النافذة، وطمأنينة نفسه إلى مراد ربه وخضوعها له بالانقهار والعبودية والتذلل أن يكون خاليا عن الحركة بالقالب والجوارح في طاعة الله وعبادته تحصيلا لمجموع الأمر الكلي في مجموع الوجود؛ فإن الحركة في طاعة الله بركة، والكسل في ذلك اعتمادا على الأمور الباطنة دون الظاهرة مفشل معطل بمصالح البدن ونوره في الدنيا، مؤخر عن الثواب الخاص به في الآخرة، فحينئذ تبين بذلك أن علامة الكامل في وصوله أن يقوم بوظائف العبادات ببدنه وقالبه، ويجد اللذة في الكد والاجتهاد، ويزول عنه كلف التكاليف، ويجد الراحة والنشاط فيها بعد الكسل عن ذلك والتقاعد عنه، فيتبدل ذلك الوصف المذموم منه بهذا.
Page 235