قال كمال بإصرار: كلا! - لم؟ - لم أعد أطيق القذارة.
ثم بحدة نمت عن ألم دفين: لا أستطيع أن ألقى الله في صلاتي وثيابي الداخلية ملوثة.
فقال فؤاد بسذاجة: تطهر واغتسل قبل الصلاة.
فقال كمال، وهو يهز رأسه للاستعارة الضائعة: إن الماء لا يطهر من الدنس.
ذلك الصراع القديم، كان يمضي في لقاء قمر مضطربا بالشهوة والقلق، ويعود بضمير معذب وقلب باك، ثم عقب الصلاة يستغفر استغفارا حارا طويلا، لكنه يمضي مرة أخرى مغلوبا على أمره، ثم يعود بالعذاب ليستغفر من جديد ... يا لها من أيام نضحت بالشهوة والمرارة والعذاب، ثم انبثق النور! هنالك وسعه أن يحب وأن يصلي معا، كيف لا؟ والحب من منبع الدين يقطر صافيا، قال فؤاد في شيء من الحسرة: انقطعت علاقتي بنرجس منذ منعت من اللعب في الحارة.
فسأله كمال باهتمام: ألم تكن - وأنت المؤمن - تتعذب بتلك العلاقة؟
فقال فؤاد، وهو يغض البصر حياء: هنالك أمور ما منها بد.
ثم متسائلا، وكأنه يداري حياءه: أترفض حقا انتهاز هذه الفرصة؟ - بكل تأكيد! - لوجه الدين وحده؟ - أليس هذا كافيا؟
ابتسم فؤاد ابتسامة عريضة، وقال : كم تحمل نفسك ما لا يحتمل!
فقال كمال بإصرار: إني لكذلك، وما ينبغي لي أن أكون غير ذلك.
Unknown page