86

Nuṣrat al-qawlayn liʾl-Imām al-Shāfiʿī

نصرة القولين للإمام الشافعي

Editor

مازن سعد الزبيبي

Publisher

دار البيروتي

Publication Year

1430 AH

Publisher Location

دمشق

أنَّ من زنى وسرق فقد خَلَعَ عِذار(٢) الحياء عن نفسه مع ارتكابه المعصية.

الوجه الثالث: أن يكون أراد به تفضيل هذه الأمّة على سائر الأمم بأنّها لا تزني ديانةً، وإنَّما تزني تأثّماً(٣)، وقد كان في الماضين من كان يتديَّن بزنا البغايا للأصنام، فينفق عليهنَّ وعلى الأصنام، وذلك عنْدهم من أطيب المكاسب(٤)، وهذا إلى اليوم باقٍ في بعض بلاد الكفر.

الوجه الرَّابع: أنَّه لا يزني الزَّاني حين يزني وهو مؤمن، معناه: لا يكون مؤمناً بتحريمه كفّاً(٥) وإمساكاً(٦)، وإنَّما يكون مؤمناً بتحريمه قولاً واعتقاداً(٧)، وقد بَيَّنْتُ أنَّ الإيمان: ((معرفةٌ بالقلب وإقرارٌ باللسان، وعملٌ بالأركان من

(١) أخرجه البخاري بقوله ((الإيمان بضع وستون شعبة)) (كتاب الإيمان ب ٣ ح ٩، انظر فتح الباري لابن حجر ١/ ٧١)، أخرجه مسلم في (كتاب الإيمان باب ١٢ رقم ١٥٢) وأخرجه أحمد في مسند أبي هريرة (حديث رقم ٩٠٩٧ ج ٢/٤١٤، وفيه إماطة العظم عن الطّريق، وحديث رقم ٩٤٥٦ ج ٢/ ٤٤٥، وفيه إماطة الأذى عن الطّريق) ورواه الأربعة أيضاً.

(٢) عِذَار الدَّابّة: السّير الذي على خدِّها من اللجام، وخلع العِذار أي الحياء، وهذا مثل للشّاب الْمُنْهَمِك في غيّه، انظر (لسان العرب لابن منظور مادة عذر ٣٢/ ٢٨٥٧).

(٣) في/خ / متأثماً: وهو الأمر الذي يأثم به الإنسان أو هو الإثم نفسه، وهو الذَّنب، وقيل: هو أن يعمل الإنسان مالا يحلّ له. انظر (اللسان لابن منظور ١/ ٢٨).

(٤) المكاسب الدينيّة، فإنفاقه على البغايا والأصنام عبادة.

(٦) كَفَّ عن الأمر، كَفَّاً: انصرف وامتنع، انظر (المعجم الوسيط ٢/ ٧٩٢).

(٧) أمْسَكَ بالشيء: كفَّ عنه وامتنع، انظر (المعجم الوسيط ٢/ ٨٦٩).

(١) المؤمن حين يزني يكون مؤمناً بتحريم الزنا في اعتقاده، ولكنَّه غير مؤمن بتحريم الزنا في سلوكه، أي: هو متَّصف في هذه الحال بوصفَيْن متعارضين: الإيمان الاعتقادي بتحريم الزنا، وعدم الإيمان العملي السلوكي، ولذلك أقدم على الزنا.

85