واحتلت حين عصيتني ... والمرء يعجز لا المحاله
وسئل عن مثل: مجير أم عامر، فقال: خرج فتيان من العرب إلى الصيد فأثاروا ضبعا، فانفلتت من أيديهم ودخلت خباء بعض الأعراب، فخرج إليهم فقال: والله لاتصلون إليها وقد استجارت بي! فخلوا بينه وبينها. فلما أنصرفوا عمد إلى خبز ةلبن وسمن فثرده وقربه إليها، فأكرلت حتى شبعت، وتمددت في جانب الخباء، وغلب الأعرابي النوم، فلما استثقل وثبت عليه، فقرضت حلقه وبقرت بطنه وأكلت حشوته وخرجت تسعى، وجاء أخُ للأعرابي، فلما نظر إليها أنشد يقول " من الطويل ":
ومن يصنع المعروف في غير أهله ... يلاق الذي لاقى مجير أم عامر
أعد لها لما أستجارت ببيته ... قراها من ألبان اللقاح البهازر
فأشبعها حتى إذا ما تمطرت ... فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لبني المعروف هذا جزاء من ... يجود بمعروف إلى غير شاكر
وقال: لم يقل لبيد في الإسلام إلا بيتًا واحدًا وهو " من البسيط ":
الحمد لله إذ لم يأتني أجلي ... حتى لبست من الإسلام سربالا
وقال: إن علماء البصرة كانوا يقدمون أمرء القيس، وإن أهل الكوفة كانوا يقدمون الأعشى، وإن أهل الحجاز والبادية كانوا يقدمون زهيرا والنابغة. - وكان يفضل الفرزدق على جرير، وكان يقول: ماتهاجى شاعران قط في جاهلية ولا إسلام إلا غلب أحدهما على صاحبه غيرهما، فإنهما تهاجيا نحوا من ثلاثين سنة، فلم يغلب أحد منهما على صاحبه. - وقال: لو تمنيت أن أقول الشعر لما تمنيت أن أقول إلا مثل قول عدي بن زيد " من الخفيف ":
أيها الشامت المعير بالمو ... ت أأنت المبرأ الموفور
أم لديك العهد الوثيق من الأيام ... أم أنت جاهل مغرور
من رأيت المنون عزين أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير
وقال: أشعر بيت قالت العرب قول دريد بن الصمة في مرثيته أخاه عبد الله " من الطويل ":س
صبا ماصبا حتى إذا شاب رأسه ... وأحدث حلمًا قال للباطل: أبعد
قليل التشكي للمصيبات حافظ ... من اليوم أدبار الأحاديث في غدِ
وقال: أتينا خالد بن صفوان نعزيه في ابنه، فانتهينا إليه وهو يقول " من الطويل ":
وهون ما ألقى من الوجد أنني ... أجاوره في داره اليوم أو غدا
قال الاصمعي: قلت ليونس: ما - أراد ذو الرمة بقوله " من الطويل ":
وليلٍ كجلباب العروس ادَّرعتهُ ... بأربعةٍ والشخص في العين واحدُ
فقال يونس: لاأحسب الجنَّ تقع على ماوقع عليه وفطن له، قوله: " وليلٍ كجلباب العروس " يقول: ليلٌ كقميص العروس في الطول لأن العروس تجرُ أذيالها، " ادرعته ": لبسته، " بأربعة ": يعني نفسه وناقته وسيفه وظله يعني خيمته، " والشخص في العين واحد " يقول: والإنسان واحدُ.
ودخل المهلَّبُ على الحجاج بعد فراغه من أمر الخوارج، فأجلسه إلى جانبه وقال: أنت والله كما قال لقيط الإيادي " من البسيط ":
فقلدوا أمركم، لله درُّكم ... ثبت الجنان بأمر الحرب مضطلعا
لامترفًا إن رخاء العيش ساعده ... وليس إن عضَّ مكروه به خشعا
1 / 19