والدمغ هنا مستعار وهو أبلغ، وحقيقته: بل نورد الحق على الباطل فيذهبه، وإنما كانت الاستعارة أبلغ لأن القذف دليلا على القهر، لأنك إذا قلت: قذف به إليه فإنما معناه ألقاه إليه على جهة الإكراه والقهر، فالحق يلقى على الباطل فيزيله على جهة القهر والاضطرار لا على جهة الشك والارتياب، ويدمغه أبلغ من يذهبه لما في يدمغه من التأثير فيه فهو أظهر في الكناية وأعلى في تأثير القوة.
وقال تعالى: ﴿عذاب يوم عقيم﴾ وعقيم هاهنا مستعار وحقيقته ها هنا مبير، والاستعارة أبلغ لأنه قد دل على أن ذلك اليوم لا خير بعده للمعذبين، فقيل: يوم عقيم، أي لا ينتج خيرا، ومعنى الهلاك فيهما إلا أن أحد الهلاكين أعظم. وقال تعالى: ﴿وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم مظلمون﴾ نسلخ مستعار، وحقيقته: يخرج منه النهار والاستعارة أبلغ لأن السلخ إخراج الشيء مما لابسه وعسر انتزاعه منه لالتحامه به، فكذلك قياس الليل. وقال تعالى ﴿فأنشرنا به بلدة ميتا﴾ النشر ها هنا مستعار، وحقيقته: أظهرنا به النبات والأشجار والثمار فكانت كمن أحييناه بعد إماتته، فكأنه قيل: أحيينا به بلدة ميتا من قولك: أنشر الله الموتى فنشروا. وهذه الاستعارة أبلغ من الحقيقة لتضمنها من المبالغة ماليس في أظهرنا، والإظهار في الإحياء والإنبات إلا أنه في الإحياء أبلغ. وقال تعالى: ﴿وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم﴾ اللفظ ها هنا بالشوكة مستعار، وهو أبلغ، وحقيقته السلاح، فذكر الحد الذي به تقع المخافة واعتمد على الإيماء إلى النكتة، وإذا كان السلاح يشتمل على
1 / 89