إلى ما تقع عليه حاسة. وقال ﷿: ﴿فاصدع بما تؤمر﴾. حقيقته فبلغ ما تؤمر به، والاستعارة أبلغ من الحقيقة، لأن الصدع بالأمر لابد له من تأثير كتأثير صدع الزجاجة، والتبليغ قد يصعب حتى لا يكون له تأثير فيصير بمنزله ما لم يقع. والمعنى الذي يجمعهما الإيصال، إلا أن الإيصال الذي له تأثير كصدع الزجاجة أبلغ. وقال ﷿: ﴿إنما لما طغى الماء حملناكم في الجارية﴾. حقيقته علا والاستعارة أبلغ لأن طغى علا قاهرا، وهو مبالغة في عظم الحال. وقال ﷿: ﴿بريح صرصر عاتية﴾ حقيقته شديدة، والعتو أبلغ منه لأن العتو شدة فيها تمرد. وقال تعالى: ﴿سمعوا لها شهيقا وهي تفور تكاد تميز من الغيظ﴾، شهيقا حقيقته صوتا فظيعا كشهيق الباكي، والاستعارة أبلغ منه وأوجز، والمعنى الجامع بينهما قبح الصوت. ﴿تميز من الغييظ﴾ حقيقته: من شدة الغليان بالاتقاد، والاستعارة أبلغ منه، لأن مقدار شدة الغيظ على النفس محسوس، مدرك [مدى] ما يدعو إليه من شدة الانتقام، فقد اجتمع شدة في النفس تدعو إلى شدة انتقام في الفعل، وفي ذلك أعظم الزجر وأكبر الوعظ، وأدل دليل على سعة القدرة وموقع الحكمة. ومنه: ﴿إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا﴾ أي تستقبلهم للإيقاع بهم استقبال مغتاظ يزفر غيظا عليهم. وقال تعالى: ﴿وإنه في أم الكتاب لدينا﴾. وحقيقته أصل الكتاب، وهو أبلغ لأن الأم أجمع وأظهر فيما يرد إليه مما ينشأ عنه، وقال تعالى: ﴿ولما سكت عن موسى الغضب﴾. وحقيقته انتفاء الغضب ووالاستعارة أبلغ لأنه انتفى انتفاء مراصد بالعودة، فهو كالسكوت على مراصدة
1 / 87