المطلب الثاني: حياة المؤلف العلمية
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: نشأته العلمية:
يُحدّثنا ثلاثة من تلاميذ الشيخ ﵀ عن جدّه واجتهاده في طلب العلم، وحرصه عليه.
فيقول تلميذه البزار ﵀: "ولم يزل منذ إبان صغره مستغرق الأوقات في الجدّ والاجتهاد. وختم القرآن صغيرًا، ثم انشغل بحفظ الحديث والفقه والعربية حتى برع في ذلك، مع ملازمة مجالس الذكر، وسماع الأحاديث والآثار. ولقد سمع غير كتاب عن غير شيخ من ذوي الروايات الصحيحة. أما دواوين الإسلام الكبار ك «مسند أحمد» و«صحيح البخاري»، ومسلم، و«جامع الترمذي»، و«سنن أبي داود السجستاني»، والنسائي، وابن ماجه، والدارقطني؛ فإنه ﵀ ورضي عنهم وعنه - سمع كل واحد منها عدّة مرات. وأول كتاب حفظه في الحديث «الجمع بين الصحيحين» للإمام الحميدي. وقلّ كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه، وكان الله قد خصّه بسرعة الحفظ، وإبطاء النسيان، لم يكن يقف على شيء، أو يستمع لشيء غالبًا إلا ويبقى على خاطره؛ إما بلفظه أو معناه. وكان العلم كأنه قد اختلط بلحمه ودمه وسائره.."١
وقال تلميذه ابن عبد الهادي ﵀: "..وشيوخه الذين سمع منهم أكثر من مائتي شيخ. وسمع «مسند الإمام أحمد بن حنبل» مرات، وسمع
_________
١ الأعلام العلية ص ١٩-٢٠.
1 / 59