بل كان لباسه وهيئته كغالب الناس ومتوسطهم.
ولم يكن يلزم نوعًا واحدًا من اللباس فلا يلبس غيره، بل كان يلبس ما اتفق وحصل، ويأكل ما حضر. وكانت بذاذة الإيمان عليه ظاهرة، لا يُرى متصفًا في عمامة، ولا لباس، ولا مشية، ولا قيام، ولا جلوس، ولا يتهيّأ لأحد يلقاه، ولا لمن يرد عليه من بلد١.
وأما كرمه:
فقد كان مجبولًا على الكرم، لا يتطبعه، ولا يتصنعه، بل هو له سجية. وما شدّ على دينار ولا درهم قطّ بل كان مهما قدر على شيء من ذلك يجود به كله. وكان لا يردّ من يسأله شيئًا يقدر عليه من دراهم، ولا دنانير، ولا ثياب، ولا كتب، ولا غير ذلك.
وكان ﵀ لا يردّ أحدًا يسأله شيئًا من كتبه، بل يأمره أن يأخذ هو بنفسه ما يشاء منها.
وكان يُنكر إنكارًا شديدًا على من يسأل شيئًا من كتب العلم التي يملكها ويمنعها من السائل، ويقول: ما ينبغي أن يمنع العلم ممن يطلبه٢.
أما عفوه عمّن ظلمه، ومسامحته لمن عاداه، حتى بعد القدرة عليه:
فقد قال تلميذه ابن عبد الهادي ﵀: "سمعت الشيخ تقي الدين ابن تيمية ﵀ يذكر أن السلطان لما جلس بالشباك، أخرج من جيبه فتاوى لبعض الحاضرين في قتله، واستفتاه في قتل بعضهم. قال: ففهمت مقصوده، وأن عنده حنقًا شديدًا عليهم لما خلعوه وبايعوا الملك المظفر
_________
١ انظر في هيئته ولباسه: الأعلام العلية ص ٥٥.
٢ انظر: الأعلام العلية ص ٦٥.
1 / 57