عنها فهو من شرّ البرية، وأسوأ حالًا من الكلب والخنزير والحيوان البهيم"١.
وهذا ما وضّحه شيخ الإسلام ﵀ بقوله: "وليست حاجة أهل الأرض إلى الرسول كحاجتهم إلى الشمس والقمر والرياح والمطر، ولا كحاجة الإنسان إلى حياته، ولا كحاجة العين إلى ضوئها، والجسم إلى الطعام والشراب، بل أعظم من ذلك، وأشدّ حاجة من كلّ ما يقدّر ويخطر بالبال. فالرسل وسائط بين الله وبين خلقه في أمره ونهيه، وهم السفراء بينه وبين عباده"٢.
فاضطرار العباد إلى المرسلين لا يُعادله اضطرار، وحاجتهم إلى المبشرين والمنذرينلا تماثلها حاجة..
وللعلامة ابن القيم ﵀ كلام نفيس يُشبه كلام شيخه شيخ الإسلام ﵀ ولا عجب! فكلاهما يصدر عن مشكاة واحدة.
يقول ﵀: "فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم، ولا يُنال رضي الله البتة إلا على أيديهم. فالطيب من الأعمال والأقوال والأخلاق ليس إلا هديهم وما جاؤوا به؛ فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأخلاق والأعمال، وبمتابعتهم يتميّز أهل الهدى من أهل الضلال.
فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه، والعين إلى نورها، والروح إلى حياتها. فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير.
_________
١ مجموع الفتاوى ١٩/٩٩-١٠٠.
٢ مجموع الفتاوى ١٩/١٠١.
1 / 27