ومن حكمة الله تعالى أنّه كلّما كان الناس إلى معرفة شيء أحوج، فإنّه - جلّ وعلا - يجعله سهلًا ميسّرًا غير ذي عِوَج١.
ولحاجة الناس إلى معرفة النبوة، والإقرار بالرسول، فقد وضّحها المولى - جلّ وعلا - في كتابه توضيحًا أعظم من أن يُشرح في هذا المقام، إذ الشرح يطول.
يقول شيخ الإسلام: "فتقرير النبوات من القرآن الكريم أعظم من أن يُشرح في هذا المقام، إذ ذلك هو عماد الدين، وأصل الدعوة النبوية، وينبوع كلّ خير، وجماع كلّ هدى"٢.
ولشيخ الإسلام ﵀ كلام رائع نفيس يُجمل فيه ما قُدّم بيانه، يقول فيه: "فإنّ الله - سبحانه - جعل الرسل وسائط بينه وبين عباده في تعريفهم ما ينفعهم وما يضرّهم، وتكميل ما يُصلحهم في معاشهم ومعادهم، وبعثوا جميعًا بالدعوة إلى الله، وتعريف الطريق الموصل إليه، وبيان حالهم بعد الوصول إليه.
فالأصل الأول يتضمن إثبات الصفات والتوحيد والقدر، وذكر أيام الله في أوليائه وأعدائه، وهي القصص التي قصّها على عباده، والأمثال التي ضربها لهم.
والأصل الثاني يتضمن تفصيل الشرائع، والأمر والنهي والإباحة، وبيان ما يُحبّه الله وما يكرهه.
والأصل الثالث يتضمن الإيمان باليوم الآخر، والجنة والنار، والثواب والعقاب.
وعلى هذه الأصول الثلاثة مدار الخلق والأمر، والسعادة والفلاح موقوفة عليها، ولا سبيل إلى معرفتها إلا من جهة الرسل، فإنّ العقل لا يهتدي إلى
_________
١ انظر: درء تعارض العقل والنقل ٩/٦٦،، ١٠/١٢٩.
٢ شرح الأصفهانية ٢/٦٠٦.
1 / 21