Niswiyya Wa Falsafat Cilm
النسوية وفلسفة العلم
Genres
G. Lloyd (1941م-...) «رجل العقل: الذكر والأنثى في الفلسفة الغربية» (1984م)، حيث تتبعت تطور مفهوم العقل، منذ أرسطو حتى سيمون دي بوفوار، لتبين أنه برغم كل التغيرات التي لحقت بالمفهوم ظل محكوما بالانحياز الذكوري. وهذه محصلة طبيعية؛ لأن الرجال استأثروا بالفلسفة طوال تاريخها، والفلسفة بدورها تنشأ عن الخبرة الحية؛ لذلك عكست خبرة ذكورية خالصة.
90
أبانت جنفييف للويد كيف قام مفهوم العقل على أساس مناقضة كل ما هو نسوي والقيم والتوجهات الأنثوية. بدأ هذا من جدول المتقابلات الفيثاغورية المطروح في كتاب الميتافيزيقا لأرسطو، فكانت الذكورة والأنوثة واحدة من عشر متقابلات لكنها تضوي تحت لوائها كل المتقابلات الأخرى. لقد عملت الفلسفة منذ عصرها الإغريقي على البحث عن مبدأ ميتافيزيقي يفصل الذكورة الإيجابية عن الأنوثة السلبية. تصب الفلسفة النسوية جام نقدها على مفهوم الفلسفة الغربية التقليدي الذي يجعل العاطفة سلبا. النسويات يسلمن ويؤكدن أن المرأة أكثر عاطفية من الرجل، لكن هذا هو مكمن قوتها وخصوبة أطروحاتها. يقدمن تصورا جديدا للعقل ينقد التصور الديكارتي، يقدمن عقلا يلعب فيه الشعور دورا أكبر. إن الشعور مصدر من مصادر الفهم، وبالمثل نتيجة من نواتج الفهم، إنه يتوشج في العملية المعرفية من رأسها إلى أخمص قدميها.
ينطبق هذا على الإبستمولوجيا العلمية، فاهتمت النسوية - كما ذكرنا - بتأثير أنوثة العالمات على إنجازاتهن العلمية. أبرز مثال هو بربارة ماك كلينتوك الحاصلة على جائزة نوبل لأبحاثها في جينات نبات الذرة وخرج كتاب إيفلين فوكس كيلر عنها ليبرز هذا، وكيف أنها كانت تشعر بأن الكروموسومات أصدقاء لها. قامت كيلر بتحليل مفهوم الموضوعية السائد، وكيف يشكل لغة العلم وأسلوب التعبيرات العلمية. لكنها لم تكن تبحث عن إبستمولوجيا علمية نسوية، بل عن إبستمولوجيا علمية متحررة من الجنوسة ومن انفراد الذكورية بالميدان. توقفت عند تأكيد ماك كلينتوك على «الإنصات» لما تقوله الطبيعة، ورأت فيه منهجية حوارية تقوم على ارتباط شعوري عميق بموضوع البحث، لا يرتبط الجنس الملاحظ. بيد أن التحيز الذكوري السائد في العلم هو الذي اصطنع قسمة جائرة بين العمل العاطفي والعمل العقلي، سميت جورا وبهتانا بالموضوعية العلمية. هكذا تكشف كيلر عن التحيزات الذكورية للعلم التي تفسده وتشوه طبيعته وتعرقل خطاه التي ينبغي أن تتسارع أكثر وأكثر.
91
نذكر أيضا هيلاري روز
H. Rose (1935م-؟) وهي عالمة اجتماع نسوية عنيت بخصائص دور المرأة في إنتاج المعرفة العلمية، وعلى هذا الأساس بحثت مفهوم الموضوعية والعقلانية في النظرية والممارسة العلميتين، ودانت بين العالمات والأديبات، حرصا من النسوية العلمية على استلهام بعض خصائص الأدب تخليصا للعلم من جفافه، وتخلصا من الفوارق القاطعة بين المناشط العقلية وسائر التصنيفات القاطعة، وذلك في كتابها «الحب والقوة والمعرفة: نحو انقلابة نسوية في العلم» (1994م).
ولا يغيبن عن البال أن العلم الطبيعي قد انهار فيه المطلق النيوتوني، وتخلت فلسفة العلم تماما عن الموضوعية المطلقة المستقلة عن أية ذات عارفة، والتي اقترنت بالعلم في مرحلة الكلاسيكية واستمرت حتى العام 1900م. مع القرن العشرين، الذي شهدت مطالعه ثورة النسبية والكوانتم، ظهرت الإبستمولوجيا العلمية المحدثة وقد اتخذت الموضوعية فيها صورة البين-ذاتية
Intedrsubjectivity ، الموضوعي هو المشترك بين الذوات العارفة، ولا انفصال عنها أو استبعاد تام لها، وكأنها محض مراقب سلبي يراقب العالم من وراء ستار. ومع مبدأ اللا تعين لهيزنبرج عاد موقع الذات العارفة كمتغير أساسي في معادلة الطبيعة. لقد تبخرت تماما الموضوعية المطلقة وعادت الذات العارفة بسرعتها وأدواتها وموقعها للرصد، لتحتل وضعها في منظومة المعرفة العلمية.
92
Unknown page