أَقُول هَذِه الرُّؤْيَا لَا يكَاد يُمكن صِحَّتهَا عَن النَّبِي ﷺ فَإِن الْكتاب الْمَذْكُور مُشْتَمل على أَشْيَاء مناقضة للشرائع مِنْهَا قَاعِدَة أَن الْعَالم هُوَ صور الْحق سُبْحَانَهُ وَأَن من عبد شَيْئا فَإِنَّمَا عبد الله تَعَالَى وَمِنْهَا ذمّ أهل الشَّرْع ومدح الْكفَّار وتمهيد أعذارهم وَمِنْهَا الْقدح فِي بعض الْأَنْبِيَاء كَقَوْلِه فِي الْكَلِمَة النوحية الدعْوَة إِلَى الله تَعَالَى مكر بالمدعو أَدْعُو إِلَى الله فَهَذَا عين الْمَكْر فَمَا عبد غير الله تَعَالَى فِي كل معبود وَفِي الْكَلِمَة الإدريسية فَهُوَ عين مَا ظهر وَعين مَا بطن فِي حَال ظُهُوره وَمَا ثمَّ من يرَاهُ غَيره وَمَا ثمَّ من يبطن عَنهُ فَهُوَ ظَاهر لنَفسِهِ بَاطِن عَنهُ وَهُوَ الْمُسَمّى أَبَا سعيد الخراز وَغير ذَلِك من أَسمَاء المحدثات وَفِي الْكَلِمَة الإسماعلية وَمَا لوعيد الْحق عين تعاين وَفِي الْكَلِمَة الإسحاقية اعْلَم أيدنا الله تَعَالَى وَإِيَّاك أَن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل قَالَ لِابْنِهِ إِنِّي أرى فِي الْمَنَام أَنِّي أذبحك والمنام حَضْرَة الخيال فَلم يعبرها
وَكَانَ كَبْش ظهر فِي صُورَة ابْن إِبْرَاهِيم فِي الْمَنَام فَصدق إِبْرَاهِيم الرُّؤْيَا فَفَدَاهُ ربه من وهم إِبْرَاهِيم بِالذبْحِ الْعَظِيم الَّذِي هُوَ تَعْبِير رُؤْيَاهُ عِنْد الله تَعَالَى وَهُوَ لَا يشْعر لِأَنَّهُ يعلم أَن موطن الخيال يطْلب التَّعْبِير فَغَفَلَ فَمَا وفى الموطن حَقه
وَفِي الْكَلِمَة الهودية أَنه تَعَالَى عين الْأَشْيَاء والأشياء محدودة وَإِن اخْتلفت حُدُودهَا فَهُوَ مَحْدُود بِحَدّ كل مَحْدُود فَمَا يحد شَيْء إِلَّا وَهُوَ حد الْحق
فَهُوَ الساري فِي مُسَمّى الْمَخْلُوقَات والمبدعات
1 / 32