Nafh Shadhi
شرح الترمذي «النفح الشذي شرح جامع الترمذي»
Investigator
الدكتور أحمد معبد عبد الكريم
Publisher
دار العاصمة
Edition Number
الأولى
Publication Year
١٤٠٩ هـ
Publisher Location
الرياض - المملكة العربية السعودية
Genres
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الرابع: وهو أرضاها: أن مسلمًا إنما يروي عن الطبقة الثالثة في المتابعات، ويعتني حينئذ بتكثير الطرق، بحيث ينجبر ذلك القصور الذي في رواية ذلك الراوي الذي من الطبقة الثانية، ومع ذلك فإنه يقل من حديثهم جدًّا، بحيث إنه ليس في كتابه لليث بن أبي سليم وأنظاره إلا نحو من عشرة أحاديث.
وأما أبو داود فإن صنعه في ذلك مخالف لصنعه في الأمرين معًا؛ يسوق أحاديث نحو هؤلاء للاحتجاج ويُكِثر منها جدًّا، بحيث إن كتابه طافح بذلك. ووراء هذا كله أن مسلمًا لا يذكر حديثًا لأهل هذه الطبقة وهو يجده عند الطبقة الأولى؛ مثال ذلك: ابن عون، وعوف الأعرابي، كلاهما رويا عن ابن سيرين، وابن عون من الطبقة الأولى، والأعرابي من الثانية، فلا يروي مسلم عنه وعن أمثاله شيئًا وهو يجده لابن عون وأمثاله، ومراده بالاتيان بحديث الطبقة الثالثة تقوية حديث الطبقة الثانية، بحيث يرقيه إلى درجة الأولى، فالحاصل: أن عمدة مسلم أهل الطبقة الأولى، فإن لم يجدها أتى بالثانية، فإن لم يجد لمن ساق حديثه منهم متابعًا من تلك الطبقة أتى بمتابعة من الثالثة، فبين العملين فرق كبير كما ترى، والله الموفق/ النكت الوفية/ ٧٤ أوب.
ويلاحظ أن البقاعي قد مثل لأهل الطبقتين الأولي والثانية، ولكن لم يمثل لأهل الثالثة حتى نعرف مقصوده بها ونعرف على ضوء ذلك مقصوده بقوله السابق ذكره نعليقًا على قول المؤلف: "إن مسلمًا تحرَّج من حديث الطبقة الثالثة". حيث قال البقاعي: إن مسلمًا لم يأت من حديث الطبقة الثالثة بشيء، والله أعلم.
ثم قال هنا: إنه قد يخرج لها في المتابعات. ولعله لا يقصد هنا الطبقة الثالثة في تقسيم مسلم؛ بل الثالثة في تقسيم الحازمي في شروط الأئمة وهم: من لم يسلموا من غوائل الجرح، فهم بين الرد والقبول، قال الحازمي: وهم شرط أبي داود والنسوي/ شروط الأئمة/ ٤٤ و٤٥. وقد صرح السخاوي بهذا مع التمثيل ببعض رواة هذه الطبقة، فقد أشار لتقسيم الحازمي لطبقات الرواة ومن أخرج لهم البخاري ثم قال: وأما مسلم فيخرج أحاديث الطبقتين على سبيل الاستيعاب، وقد يخرج حديث من لم يسلم من غوائل الجرح إذا كان =
1 / 216