Muyassar
الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي
Investigator
د. عبد الحميد هنداوي
Publisher
مكتبة نزار مصطفى الباز
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ هـ
Genres
العمل، وأورث الخشية والتقوى، وأما الذي يتدارس أبوبا منه؛ ليتعزز به ويتأكل: فإن بمعزل عن هذه الرتبة العظمي؛ لأن الفقه تعلق بلسانه دون قلبه؛ ولهذا قال علي ﵁: (ولكني أخشى عليكم كل منافق عليم اللسان).
[١٦٢] ومنه: حديث أبي هريرة ﵁، عن النبي ﷺ: (من سئل عن علم علمه، ثم كتمه .... الحديث): هذا الذي قاله: أنه يلجم بلجام من نار، من باب المقابلة في العقوبة؛ وذلك أنه ألجم نفسه بالسكوت حيث فرض الله عليه البيان؛ فألجم بلجام من نار عقوبة له على ذلك.
[١٦٣] ومنه: حديث كعب بن مالك ﵁، عن النبي ﷺ: (من طلب العلم ليجارى به العلماء .... الحديث).
(المجاراة: أن يجرى الإنسان مع آخر؛ فيماريه في جريه، والمعنى: أنه يطلب العلم؛ ليعدل بنفسه في العلماء ترفعا ورياء وسمعة؛ كما أخبر عنه في حديث آخر: (إنما قرأت القرآن ليقال: إنك عالم؛ وقد قيل) [٣٤/أ]. والمماراة: المجادلة والمحاجة فيما فيه مرية، وهي التردد في الأمر، والاسم منه: المراء وأصل ذلك من: (مريت الناقة): إذا مسحت ضرعها.
وفي هذا الحديث- سوى الوعيد الوارد فيمن لم يكن له غرض صحيح في طلب العلم- تنبيه على فائدة صحة المقاصد وفسادها؛ حيث بين أن العلم- الذي طلبه مكفرة للذنوب، ومعاة للفلاح، ومئنة لرضا الرب هو الآخذ بيد صاحبه إذا زلت به القدم، ويكون وبالا على صاحبه، وتنقلب تلك القضايا عليه إذا لم يكن له في طلبه قصد صحيح، فيا هنتاه! كم من بلية دخلت علينا من تلكم الأبواب، ولم نشعر بها، ومن الله المعونة، وإليه المشتكى!
1 / 106