Muyassar
الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي
Investigator
د. عبد الحميد هنداوي
Publisher
مكتبة نزار مصطفى الباز
Edition Number
الثانية
Publication Year
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ هـ
Genres
على وجه الاستحباب مبالغة في الإسباغ ونظرا إلى حد الكمال وذلك لأن العين قلما تخلو من قذف ترميه من كحل وغيره أو رمص يسيل منها فينعقد على طرف العين فيفتقر إلى تنقيته وتنظيفه بالمسح والذي يقتضيه تفسير أبي عبيد مسح طرف العين مما يلي الأنف والذي يقتضيه قول الجوهري مسح المآقين من كل عين وهذا أمثل وأحوط؛ لأن المعنى الذي وجدناه في مسح الطرف الذي يلي الأنف وجدناه في مسح الطرف الآخر.
[٢٧٢] ومنه: قول النبي ﷺ في الحديث الذي يرويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (فقد أساء وتعدى وظلم) إنما ذم هذا الفعل بالكلمات الثلاثة إظهارا لشدة النكير على فاعله وزجرا لأولى البصائر عن ذلك ثم إنه قال: (أساء) لأنه أساء الأدب بين يدي الله ورسوله؛ حيث تساهل في حق الاتباع وتعدى؛ لأنه تجاوز عن الحد المحدود له وظلم؛ لأنه وضع الشيء في غير موضعه وهو الطهور الذي استعملهه بعد حصول الكمال ثم ظلم نفسه بمخالفة السنة.
وفي قول الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده احتمال أن يكون الضمير في جده راجعا إلى عمرو وأن يكون راجعا إلى أبيه شعيب، فإن يك راجعا إلى عمرو بالحديث يكون مرسلا؛ لأن جد عمرو هو محمد بن عبد الله بن عمرو وهو تابعي، وإن يك راجعا إلى شعيب فالحديث متصل؛ لأن جد شعيب عبد الله بن عمرو ولهذه العلة تكلموا في صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لما فيها من احتمال التدليس.
[٢٧٣] ومنه: حديث عبد الله بن مغفل- ﵁ لابنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول (إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور).
قلت أنكر الصحابي على ابنه في هذه المسألة لأنه طمح إلى ما لم يبلغه عملا وحالا؛ حيث سأل منازل الأنبياء والأولياء وجعلها من باب الاعتداء في الدعاء لما فيها من لتجاوز عن حد الأدب ونظر الداعي إلى نفسه بعين الكمال. والاعتداء في الدعاء يكون من وجوه كثيرة والأصل فيه أن يتجاوز عن مواقف الافتقار إلى بساط الانبساط أو يميل إلى أحد شقى الإفراط والتفريط في خاصة نفسه وفي غيره إذا دعا له أو عليه، والاعتداء في الطهور استعماله فوق الحاجة والمبالغة في تحري طهوريته حتى يفضى به إلى الوسواس.
1 / 148