الْهِجْرَةِ، وَأَخَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى سَنَةِ عَشْرٍ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا عَلَى الْفَوْرِ، لَمَا أَخَّرَهُ.
وَقَدْ أَجَابَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ، فَقَالُوا: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْلَمَ نبيه [ﷺ] أن لا يموت حَتَّى يَحُجَّ، فَكَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنَ الإِدْرَاكِ، وهذا عذر يحتاجون فيه إلى إثبات نَقْلٍ، وَلا يَجِدُونَ فِي ذَلِكَ نَقْلا.
وَإِنَّمَا أَقَامُوا الاحْتِمَالَ مَقَامَ النَّقْلِ، فَلَيْسَ هَذَا الْجَوَابُ مُرْتَضًى لِهَذِهِ الْعِلَّةِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ أَخَّرَهُ لِعُذْرٍ، وقد كانت له خمسة أعذار:
إحداها: الْفَقْرُ.
وَالثَّانِي: الْخَوْفُ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِهَذَا، كَانَ يُحْرَسُ إِلَى أَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿والله يعصمك من الناس﴾ .
وَالثَّالِثُ: الْخَوْفُ عَلَى الْمَدِينَةِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ رأي أن تقديم الجهاد أولى.
والخامس: غلبة المشركين عَلَى مَكَّةَ وَإِظْهَارُهُمُ الشِّرْكَ هُنَاكَ وَمَا كَانَ يمكنه الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ، فَلَمَّا قَوِيَ الإِسْلامُ، وَبَعَثَ أَبَا بكر [﵁] عَلَى الْحَجِّ فِي سَنَةِ تِسْعٍ، وَأَمَرَ عَلِيًّا، فَنَادَى أَنْ لا يَحُجَّ بَعْدَ الْعَامِ مُشْرِكٌ حج لزوال العذر، فتأخيره عليه [الصلاة و] وَالسَّلامُ قَضِيَّةٌ فِي عَيْنٍ، فَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ، فَلا تُؤَثِّرُ فِي الْأَمْرِ الصَّرِيحِ.
1 / 82