وكان تقليل المسلمين في أعين الكافرين في أول الملاقات عند المواجهة، حتى قال قائلهم:
«إنما محمد وأصحابه أكلة جزور» . ليستدرجهم بذلك إلى مصارعهم، والله يؤيد بنصره من يشاء.
(وكان ذلك يوم الفرقان، يوم فرق الله بين الحق والباطل)، وأهلك فيه رؤوس الكفر، وصناديد قريش، وأظهر وحيه، وتنزيله، وأعز نبيه ودينه، وأذل فيه الشرك، وخرب محله، وأخزى الشيطان وجنده، قال- تعالى: لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (٨) «١» هذا مع قلة عدد المسلمين، وكثرة العدد والعدد من الكافرين، (وذلك قوله- ﷿: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢٣) «٢») .
أي: قليل عددكم لتعلموا أن النصر؛ إنما هو من عند الله؛ لا بكثرة الأموال والرجال «٣» .
- وفى معنى الاية قال ابن هشام: «أى: ليؤلف بينهم على الحرب للنقمة، ممن أراد إتمام النعمة عليه ممن أراد الانتقام منه، والأنعام على من أراد إتمام النعمه عليه أهل ولايته» اه-: السيرة النبوية. وانظر: تفسير الإمام الطبري ١٣/ ٥٧٢.
(١) سورة الأنفال، من الاية: ٨.
(٢) سورة آل عمران، الاية: ١٢٣.
(٣) حول غزوة «بدر الكبرى» انظر: المصادر والمراجع الاتية: - (السيرة النبوية) للإمام ابن هشام ٣/ ٢٩، ١٣٤. - (مغازي الواقدي) - بدر القتال- ٢/ ١٩، ١٥٢. - (تاريخ الطبري) - وقعة بدر الكبرى- ٢/ ٤٢١، ٤٧٩. - (الثقات) للإمام ابن حبان ١/ ١٥٢، ١٨٢. - (الدرر في المغازي والسير) للإمام ابن عبد البر- غزوة بدر- ص ١١٢. - (تلقيح فهوم أهل الأثر) للإمام ابن الجوزي ص ٥٠، ٥١. - (تاريخ الإسلام- المغازي-) للإمام الذهبي ص ٣١، ٩٥. - (عيون الأثر ...) للإمام ابن سيد الناس ١/ ٣٢٢، ٣٧٥.