وحدثناه الخطيب أبو القاسم، بقراءتي عليه، قال: نا القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله، قال: نا أبو بكر محمد بن طرخان، أنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن علي، أنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ، نا القاضي أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب، إملاء، حدثنا الحسن ابن أبي الربيع، نا عبد الرزاق بن همام، أنا معمر بن راشد، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثناه أبو هريرة، عن محمد رسول الله ﷺ، فذكروا أحاديث منها، وقال رسول الله ﷺ: " تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أُوثِرْتُ بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وَغِرَّتُهُمْ، فقال الله ﷿ للجنة: إنما أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذاب، أعذب بك من أشاء، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله قدمه، فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحدا، وأما الجنة، فإن الله تعالى ينشئ لها خلقا ".
وفي هذا الحديث ذكر القدم، وذلك مما يوهم التشبيه، ولأهل العلم فيه تأويلات تخرجه عن ظاهره أحسن مخرج، أحدها: إن معنى القدم هاهنا المتقدم والسابق أي الكفار الذين سبق في علم الله ﷿ أنهم من أهل النار، والعرب تقول للشيء المتقدم قدم قدم، وعليه حمل قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ﴾ أي: سابقة صدق، وقال بعضهم: القدم خلق من خلق الله يخلقه يوم القيامة، فيسميه قدما، ويضعه في النار، فيمتلئ منه، وأضيف إليه من طريق الفعل والملك، وقيل غير ذلك، والله أعلم
حديث آخر:
1 / 28