ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة فصيحا، ويدس البدع في كلامه، وأكثر الناس لا يعلمون كصاحب الكشاف ونحوه، حتى إنه يروج على خلق كثير ممن لا يعتقد الباطل من تفاسيرهم الباطلة ما شاء الله. وقد رأيت من العلماء المفسرين وغيرهم من يذكر في كتابه وكلامه من تفسيرهم ما يوافق أصولهم التي يعلم أو يعتقد فسادها ولا يهتدي لذلك.
ثم إنه لسبب تطرف هؤلاء وضلالهم دخلت الرافضة الإمامية، ثم الفلاسفة، ثم القرامطة وغيرهم فيما هو أبلغ من ذلك، وتفاقم الأمر في الفلاسفة والقرامطة والرافضة، فإنهم فسروا القرآن بأنواع لا يقضي العالم منها عجبه، فتفسير الرافضة كقولهم: ﴿تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ﴾ [المسد: ١] هما أبو بكر وعمر، و﴿لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ﴾ [الزمر: ٦٥]، أي بين أبي بكر وعلى في الخلافة، و﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً﴾ [البقرة: ٦٧] هي عائشة، و﴿فَقَاتِلُواْ أَئِمَّةَ الْكُفْرِ﴾ [التوبة: ١٢] طلحة والزبير، و﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ﴾ [الرحمن: ١٩] على وفاطمة، و﴿اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢] الحسن والحسين، و﴿وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ﴾ [يس: ١٢] فى علي بن أبي طالب، و﴿عَمَّ يَتَسَاءلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ﴾ [النبأ: ١، ٢] علي بن أبي طالب، و﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُون﴾ [المائدة: ٥٥] هو علي. ويذكرون الحديث الموضوع بإجماع أهل العلم، وهو تصدقه بخاتمه في الصلاة، وكذلك قوله: ﴿أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ﴾ [البقرة: ١٥٧] نزلت في علي لما أصيب بحمزة.
ومما يقارب هذا من بعض الوجوه ما يذكره كثير من المفسرين في مثل قوله: ﴿الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ
1 / 36