مَوْرًا﴾ [الطور: ٩]: إن المور هو الحركة كان تقريبا؛ إذ المور حركة خفيفة سريعة.
وكذلك إذا قال: الوحي: الإعلام، أو قيل: ﴿أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [النساء: ١٦٣]: أنزلنا إليك، أو قيل: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الإسراء: ٤] أي: أعلمنا، وأمثال ذلك، فهذا كله تقريب لا تحقيق؛ فإن الوحي هو إعلام سريع خفي، والقضاء إليهم أخص من الإعلام؛ فإن فيه إنزالا إليهم وإيحاء إليهم.
والعرب تُضَمِّنُ الفعل معنى الفعل وتعديه تعديته، ومن هنا غلط من جعل بعض الحروف تقوم مقام بعض، كما يقولون في قوله: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ﴾ [ص: ٢٤] أي: مع نعاجه و﴿مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ﴾ [الصف: ١٤] أي: مع الله ونحو ذلك. والتحقيق ما قاله نحاة البصرة من التضمين، فسؤال النعجة يتضمن جمعها وضمها إلى نعاجه، وكذلك قوله: ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٧٣] ضمن معنى يزيغونك ويصدونك، وكذلك قوله: ﴿وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾ [الأنبياء: ٧٧]، ضمن معنى نجيناه وخلصناه، وكذلك قوله: ﴿يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ﴾ [الإنسان: ٦] ضمن يروى بها، ونظائره كثيرة.
ومن قال: ﴿لاريب﴾: لا شك، فهذا تقريب، وإلا فالريب فيه اضطراب وحركة، كما قال: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك "، وفي الحديث أنه مر بظبي حاقف [أي: نائم قد انحنى في نومه] فقال: " لا يريبه أحد "، فكما أن اليقين ضمن السكون والطمأنينة فالريب ضده ضمن الاضطراب والحركة. ولفظ [الشك] وإن قيل: إنه يستلزم هذا المعنى، لكن لفظه لا يدل عليه.
وكذلك إذا قيل: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾: هذا القرآن، فهذا
1 / 18