130

Mukhtaṣar al-Ṣawāʿiq al-Mursala ʿalā al-Jahmiyya waʾl-Muʿaṭṭila

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Editor

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَتَكْلِيمِهِ وَسَائِرِ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَوَصَفَهُ بِهِ رَسُولَهُ ﷺ، كَتَتَابُعِ الْأَسْنَانِ، وَقَالُوا لِلْأُمَّةِ: هَذَا عَهْدُ نَبِيِّنَا إِلَيْنَا وَعَهْدُنَا إِلَيْكُمْ وَإِلَى مَنْ بَعْدَكُمْ إِلَى آخِرِ الزَّمَانِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَادَى بِهِ الْمُنَادِي وَأَذَّنَ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ فِي السِّرِّ وَالْإِعْلَانِ، فَحَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ وَرَاءَ هَذَا الْإِمَامِ يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ، وَحَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ بِمُتَابَعَتِهِ يَا أَهْلَ الْقُرْآنِ، وَالصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنَ النَّوْمِ فِي ظُلْمَةِ لَيْلِ الشُّكُوكِ وَالْإِفْكِ وَالْكُفْرَانِ، فَلَا تَصِحُّ الْقُدْوَةُ بِمَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ وَصَدَّقَهُ الْمُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُ تَائِهٌ فِي بَيْدَاءِ الْآرَاءِ وَالْمَذْاهَبِ حَيْرَانَ، وَأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إِلَى الْيَقِينِ بِشَيْءٍ مِنْهَا، لَا هُوَ وَلَا مَنْ قَبْلَهُ عَلَى تَطَاوُلِ الزَّمَانِ، وَإِنَّ غَايَةَ مَا وَصَلُوا إِلَيْهِ الشَّكُّ وَالتَّشْكِيكُ وَلَقْلَقَةُ اللِّسَانِ.
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى وَخَصَّهُمْ بِكَمَالِ الْعُقُولِ وَصِحَّةِ الْفِطْرَةِ وَنُورِ الْبُرْهَانِ، وَجَعَلَهُمْ هُدَاةً مُهْتَدِينَ، مُسْتَبْصِرِينَ مُبْصِرِينَ، أَئِمَّةً لِلْمُتَّقِينَ يَهْدُونَ بِأَمْرِهِ، وَيُبَصِّرُونَ بِنُورِهِ، وَيَدْعُونَ إِلَى دَارِهِ، وَيُجَادِلُونَ كُلَّ مُفْتَتِنٍ فَتَّانٍ، فَحَيَّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ بِمُتَابَعَةِ الْمَبْعُوثِ بِالْفُرْقَانِ، وَتَحْكِيمِهِ وَتَلَقِّي حُكْمِهِ بِالتَّسْلِيمِ وَالْقَبُولِ وَالْإِذْعَانِ، وَمُقَابَلَةِ مَا خَالَفَ حُكْمَهُ بِالْإِنْكَارِ وَالرَّدِّ وَالْهَوَانِ، وَمُطَاعَنَةِ الْمُعَارِضِينَ لَهُ بِقَوْلِهِمْ بِالسَّيْفِ وَالسِّنَانِ، وَإِلَّا بِالْعِلْمِ وَاللِّسَانِ، فَالْعُقُولُ السَّلِيمَةُ وَالْفِطَرُ الْمُسْتَقِيمَةُ لِنُصُوصِ الْوَحْيِ يَسْجُدَانِ، وَيُصَدِّقَانِ بِمَا شَهِدَتْ بِهِ وَلَا يُكَذِّبَانِ، وَيُقِرَّانِ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِمَا أَعْظَمَ سُلْطَانٍ، وَأَنَّهُمَا إِنْ خَرَجَا عَنْهَا غُلِبَا وَلَا يَنْتَصِرَانِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ، وَعَلَيْهِ التُّكْلَانُ.
السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الْمُعَارَضَةَ بَيْنَ الْعَقْلِ وَنُصُوصِ الْوَحْيِ لَا تَتَأَتَّى عَلَى قَوَاعِدِ الْمُسْلِمِينَ الْمُؤْمِنِينَ بِالنُّبُوَّةِ حَقًّا، وَلَا عَلَى أُصُولِ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ الْمُصَدِّقِينَ بِحَقِيقَةِ النُّبُوَّةِ، لَيْسَتْ هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ مِنَ الْإِيمَانِ بِالنُّبُوَّةِ فِي شَيْءٍ، وَإِنَّمَا تَتَأَتَّى هَذِهِ الْمُعَارَضَةُ مِمَّنْ يُقِرُّ بِالنُّبُوَّةِ عَلَى قَوَاعِدِ الْفَلْسَفَةِ وَيُجْرِيهَا عَلَى أَوْضَاعِهِمْ، وَأَنَّ الْإِيمَانَ بِالنُّبُوَّةِ عِنْدَهُمْ، وَالِاعْتِرَافَ بِمَوْجُودٍ حَلِيمٍ لَهُ طَالِعٌ مَخْصُوصٌ يَقْتَضِي طَالِعُهُ أَنْ يَكُونَ مَتْبُوعًا، فَإِذَا أَخْبَرَهُمْ بِمَا لَا تُدْرِكُهُ عُقُولُهُمْ عَارَضُوا خَبَرَهُ بِعُقُولِهِمْ وَقَدَّمُوهَا عَلَى خَبَرِهِ.
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَارَضُوا بَيْنَ الْعَقْلِ وَنُصُوصِ الْأَنْبِيَاءِ، فَعَارَضُوا الْأَنْبِيَاءَ فِي بَابِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرَسُولِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فِي هَذِهِ الْأُصُولِ الْخَمْسَةِ بِعُقُولِهِمْ، فَلَمْ يُصَدِّقُوا بِشَيْءٍ مِنْهَا عَلَى طَرِيقَةِ الرُّسُلِ، ثُمَّ سَرَتْ مُعَارَضَتُهُمْ فِي الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الرُّسُلِ، فَتَقَاسَمُوهَا تَقَاسُمَ الْوَارِثِ لِتَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ، فَكُلُّ طَائِفَةٍ كَانَتْ نُصُوصُ الْوَحْيِ

1 / 145