128

Mukhtasar Sawaciq Mursala

مختصر الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة

Investigator

سيد إبراهيم

Publisher

دار الحديث

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ - ٢٠٠١ م

Publisher Location

القاهرة - مصر

Genres

وَسَمَّيْتُمُ الصِّفَاتِ أَعْرَاضًا وَقُلْتُمْ: الرَّبُّ مُنَزَّهٌ عَنْ قِيَامِ الْأَعْرَاضِ بِهِ، وَسَمَّيْتُمْ حِكْمَتَهُ غَرَضًا وَقُلْتُمْ: مُنَزَّهٌ عَنِ الْأَغْرَاضِ، وَسَمَّيْتُمْ كَلَامَهُ بِمَشِيئَتِهِ، وَنُزُولَهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَمَجِيئَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَمَشِيئَتَهُ وَإِرَادَتَهُ الْمُقَارَنَةَ لِمُرَادِهَا وَإِدْرَاكَهُ الْمُقَارَنَةَ لِوُجُودِ الْمُدْرَكِ، وَغَضَبَهُ إِذَا عُصِيَ، وَرِضَاهُ إِذَا أُطِيعَ، وَفَرَحَهُ إِذَا تَابَ إِلَيْهِ الْعِبَادُ، وَنِدَاهُ لِمُوسَى حِينَ أَتَى الشَّجَرَةَ، وَنِدَاهُ لِلْأَبَوَيْنِ حِينَ أَكَلَا مِنَ الشَّجَرَةِ، وَنِدَاهُ لِعِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَحَبَّتَهُ لِمَنْ كَانَ يَبْغَضُهُ حَالَ كُفْرِهِ ثُمَّ صَارَ يُحِبُّهُ بَعْدَ إِيمَانِهِ، وَرُبُوبِيَّتَهُ الَّتِي هُوَ بِهَا كُلَّ يَوْمٍ فِي شَأْنٍ حَوَادِثَ، وَقُلْتُمْ: هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ حُلُولِ الْحَوَادِثِ، وَحَقِيقَةُ هَذَا التَّنْزِيهِ أَنَّهُ مُنَزَّهٌ عَنِ الْوُجُودِ وَعَنِ الرُّبُوبِيَّةِ وَعَنِ الْمُلْكِ وَعَنْ كَوْنِهِ فَعَّالًا لِمَا يُرِيدُ، بَلْ عَنِ الْحَيَاةِ وَالْقَيُّومَيَّةِ. فَانْظُرْ مَاذَا تَحْتَ تَنْزِيهِ الْمُعَطِّلَةِ النُّفَاةِ بِقَوْلِهِمْ: لَيْسَ بِجِسْمٍ وَلَا جَوْهَرٍ وَلَا مُرَكَّبٍ، وَلَا تَقُومُ بِهِ الْأَعْرَاضُ، وَلَا يُوَصَفُ بِالْأَبْعَاضِ، وَلَا يَفْعَلُ بِالْأَغْرَاضِ وَلَا تَحُلُّهُ الْحَوَادِثُ، وَلَا تُحِيطُ بِهِ الْجِهَاتُ، وَلَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ: أَيْنَ، وَلَيْسَ بِمُتَحَيِّزٍ، كَيْفَ كَسَوْا حَقَائِقَ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَتَكْلِيمِهِ لِخَلْقِهِ وَرُؤْيَتِهِمْ لَهُ بِالْأَبْصَارِ فِي دَارِ كَرَامَتِهِ، هَذِهِ الْأَلْفَاظَ، ثُمَّ تَوَسَّلُوا إِلَى نَفْيِهَا بِوَاسِطَتِهَا، وَكَفَّرُوا وَضَلَّلُوا مَنْ أَثْبَتَهَا، وَاسْتَحَلُّوا مِنْهُ مَا لَمْ يَسْتَحِلُّوهُ مِنْ أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، فَإِلَى اللَّهِ الْمَوْعِدُ وَإِلَيْهِ الْمُلْتَجَأُ، وَإِلَيْهِ التَّحَاكُمُ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ التَّخَاصُمُ. نَحْنُ وَإِيَّاهُمْ نَمُوتُ ... وَلَا أَفْلَحَ يَوْمَ الْحِسَابِ مَنْ نَدِمَا [فصل إنكار القدرية خلق أفعال العباد وتسميتهم بذلك بالعدل] فَصْلٌ وَمِنْ ذَلِكَ لَفْظُ الْعَدْلِ، جَعَلَتْهُ الْقَدَرِيَّةُ اسْمًا لِإِنْكَارِ قُدْرَةِ الرَّبِّ عَلَى أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَخَلْقِهِ لَهَا وَمَشِيئَتِهِ، فَجَعَلُوا إِخْرَاجَهَا عَنْ قُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ هُوَ الْعَدْلُ، وَجَعَلَ سَلَفُهُمْ إِخْرَاجَهَا عَنْ تَقَدُّمِ عِلْمِهِ وَكِتَابَتِهِ مِنَ الْعَدْلِ، وَسَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ بِالْعَدْلِيَّةِ، وَعَمَدُوا إِلَى إِثْبَاتِ عُمُومِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الْأَعْيَانِ وَالْأَفْعَالِ وَخَلْقِهِ لِكُلِّ شَيْءٍ وَشُمُولِ مَشِيئَتِهِ، فَسَمَّوْهُ جَبْرًا، ثُمَّ نَفَوْا هَذَا الْمَعْنَى الصَّحِيحَ وَعَبَّرُوا عَنْهُ بِهَذَا الِاسْمِ، ثُمَّ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ أَهْلَ الْعَدْلِ وَسَمَّوْا مَنْ أَثْبَتَ صِفَاتِ الرَّبِّ وَأَثْبَتَ قَدَرَهُ وَقَضَاءَهُ أَهْلَ التَّشْبِيهِ وَالْحَيِّزِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الرَّافِضَةِ سَمَّوْا مُوَالَاةَ الصَّحَابَةِ نَصْبًا، وَمُعَادَاتَهُمْ مُوَالَاةً لِأَهْلِ بَيْتِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَكَذَلِكَ الْمُرْجِئَةُ سَمَّوْا مَنْ قَالَ فِي الْإِيمَانِ بِقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَاسْتَثْنَى فِيهِ فَقَالَ: أَنَا مُؤْمِنٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ شَاكًّا.

1 / 143