226

Mukhassas

المخصص

Investigator

خليل إبراهم جفال

Publisher

دار إحياء التراث العربي

Edition Number

الأولى

Publication Year

١٤١٧هـ ١٩٩٦م

Publisher Location

بيروت

مُتَكَوِّرينَ على المَعَارِف بَيْنُهم ضَرْبٌ كتَعْطَاطِ المَزَادِ الأثْجَلِ يَعْنِي وُجُوهَهم وَذَلِكَ لِأَن المَعْرِفة إِنَّمَا تَقَع بهَا وبالنَّظَر إِلَيْهَا وامرأَة حَسَنة المَعَارِف - أَي مَحَاسِن الوَجْه والعِلْم - نَقَيض الجَهْل، قَالَ سِيبَوَيْهٍ، عَلِم يَعْلَم عِلْمًا فَهُوَ عالمٌ وَقَالُوا عَلاَّمةٌ عَلِيم وجَمْعهما عُلَماءُ، وَقَالَ، فِي بَاب تَكْسِير مَا كَانَ من الصِّفة عِدْته أربعةُ أحْرُف وَقد كَسَّروا فاعِلًا على فُعَلاءَ قَالُوا عُلَماء ثمَّ حَذَّر أَن يُقال إِنَّه جَمْع عَلِيم لن فُعَلاءَ فِي فَعِيل أكثرُ مِنْهَا فِي فاعِل فَقَالَ يَقُوها من لَا يَقُول إِلَّا عالِم فصَرَّح بهَا أنَّ عُلَماءَ جمع عالمِ لكَثْة فُعَلاءَ فِي فَعِيل وعِزَّته فِي فاعِل، قَالَ، والعِلْم من المَصادِر الَّتِي يُجْمَع كالفِكْر والنَّظَر، أَبُو حَاتِم، رجُل عَلاَّم وعَلاَّمَةٌ وعَلِيم وَقد عَلُمَ وعَلِم، صَاحب الْعين، أَعْلَمْته الأمْرَ وأعْلَمْته بِهِ وعَلَّمْته إيَّاه فَعَلِمَه وتَعَلَّمَه، قَالَ سِيبَوَيْهٍ، أعْلَمْت كآذَنْت وعَلَّمْت كأذَنْت وخَبَّرْت، قَالَ أَبُو عليّ، وكِلاَهما مُتَعدٍّ، قَالَ، وسُمِّيَ العِلْمِ عِلْمًا لِأَنَّهُ من العَلاَمة - وَهِي الدِّلالة والأمَارة وَمِنْه مَعَالِمُ الأَرْض والثَّوْب، ابْن السّكيت، تَعَلَّمْت أنّ فُلانًا خارِجٌ بمَنْزِل عَلِمْت وَأنْشد: تَعَلَّمْ إنَّه لَا طيْرَ إلاَّ على مُتَطَيِّر وَهِي الثُّبُور قَالَ، وَإِذا قيل لَك تَعَلَّمْ أنّ فُلانًا خارِجٌ لم تَقُل قد تَعَلَّمْت ولكنَّك تَقُول قد عَلِمْت، قَالَ أَبُو عَليّ، وَمِمَّا هُوَ ضَرْب من العِلم قَوْلُهم اليَقِين وَلَا يَنْعَكِس فَنَقُول كل يَقِين عِلْم وَلَيْسَ كلُّ علم يَقينًا وَذَلِكَ أنّ اليّقِينَ علْم يَحْصُلُ بعدَ استِدْلالٍ ونَظَرٍ لِغُمُوض المَعْلوم المَنْظُور فِيهِ أوْ لإشكال ذَلِك على الناظِر، عَليّ، وَلذَلِك قالَتِ الأوائِلُ إِن اليَقِينَ هُوَ العِلْم الثانِي أَي أَنه لَا يُعْلَم وَلَا يُدرَك عَن بَدِيهة ولكِنَّه بعد بَذْلِ الوُسْع فِي التَعَقُّب وإنعام النَّظَر والتَّصَفُّح، قَالَ، ويُقَوِّي ذَلِك قولُه تَعَالَى وكذَلِكَ نُرِي إبْراهيمَ مَلَكُوتَ السّمواتِ وَالْأَرْض ولِيَكُونَ من المُوقِنِين ثمَّ ذَكر بعدُ مَا كَانَ من نَظَره واستِدْلاله وَلذَلِك لم يَجُز أَن يُوصَف القَدِيمُ سُبْحَانَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَا يُصَل إِلَى طَبَقة التَّيَقُّن إِلَّا بعد التَّطَرُّق إِلَيْهَا بالتأمُّل والتصفُّح والمقابَلة بَين مَعاقِد الرأْي ومقَاصِده وَالله تَعَالَى لَا يَلْحقُه ذَلِك فَلَيْسَ كل عِلْم يقِينا لِأَن من المَعْلومات مَا يُعْلَم من غير أَن يَعْتَرِض فِيهِ تَوَقف أَو موضِع نَظَر، عَليّ، يَعْنِي نَحْو مَا يُعْلم ببَدائِه العُقُول والحوَاسَ كالقَضَايا المنقَسِمة إِلَى أَرْبَعَة أقْسام وَهِي المَعْقول كَقَوْلِنَا العَقْل مُدْرِك لما اُعْمِل فِيهِ والمَحْسوسُ كَقَوْلِنَا الشَّمْس طلعة أَو غارِبَة وَالْمَشْهُور كَقَوْلِنَا إِن شُكْر المُنْعِم حَسَن وكُفْرَه قَبِيح وإنَّ بِرَّ الأبَوَين لازِمٌ والمَقْبول وَهِي القَضِيَّة الَّتِي تُؤْخَذُ عَن واحدٍ ثِقَةٍ مُرْتَضَى أَو جَمَاعةٍ ثِقاتٍ مُرْتَضَين فَهَذَا كُله من المُقَدِّمات الَّتِي حَصَلت فِي النَّفْس من غير بَحْث وَلَا قِيَاس، قَالَ أَبُو عَليّ، ويُؤَكِّد مَا ذكرنَا من ذَلِك قَول رُؤْبة: يَا دَارَ عَفْراءَ ودارَ البَخْدَنِ أما جَزَاءُ العارِف المُسْتَيْقِن فوصْفُه العارِفَ بالمُسْتَيْقِن يُقَوّي أَنه غَيره وَمِمَّا يُبَيِّن ذَلِك مَا نَراه فِي أشْعارهم من تَوَقُّفهم عِنْد وُقُوفهم فِي الدِّيار طُول العَهْد وتَعَفِّي الرُّسُوم ودُرُوسها حَتَّى يُثْبِتوها بالتأَمُّل لَهَا والاستِدْلال عَلَيْهَا كَقَوْلِه: وقَفْتُ بهَا من بَعْد عِشْرِين حِجّةً فَلأْيا عَرفْتُ الدارَ بَعْد تَوَهُّم وَقَالَ: تَوَهَّمْت آياتٍ لَهَا فَعَرَفْتُها

1 / 258