Al-Mūjaz li-Abī ʿAmmār ʿAbd al-Kāfī takhrīj ʿUmayra
الموجز لأبي عمار عبد الكافي تخريج عميرة
Genres
يقال لمن زعم أن القرآن غير مخلوق: أخبرونا عن القرآن وجميع الكتب المنزلة من الله إلى خلقه على ألسنة رسله، أهي أشياء أم ليست بأشياء؟ فإن قالوا: بأنها غير أشياء أبطلوها، وجعلوها في حد العدم والتلاشي، فيقال لهم: فما الذي زعمتم أنه ليس بمخلوق؟ إذ ليس ثم شيء يكون غير مخلوق، أو خلقا. وبطل على هذا المعنى أن تكون رسل الله جاءت من عند الله بشيء، وإن الله أنزل على أنبيائه شيئا، وقد قال الله عز وجل: (وما قدرا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء) (¬1) فقال ردا عليهم: (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) (¬2) ، فلما تبين أن كتاب الله شيء من الأشياء قلنا: لا يخلو هذا الشيء من وجهين لا ثالث لهما: إما أن يكون محدثا أو غير محدث، فإن قالوا: غير محدث أبطلوا، وردوا على الله حيث قال: (وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين) (¬3) ، فإن قالوا: محدث، قيل: من أحدثه؟ فإن أضافوا حدوثه إلى غير الله أبطلوا، وإن قالوا: إن الله أحدثه أقروا بخلقه، ويقال: هل كان القرآن دالا على الله في ربوبيته، شاهدا عليه في وحدانيته؟ فإن قالوا: لا أبطلوا، وإن قالوا: بل هو دال على الله، وشاهد عليه كما كان سائر الأشياء من الخلق دالا على الله، قلنا من جعله دالا على الله؟ ولا يجدون إلا أن يقولوا الله جعله دلالة على ربوبيته، وشهادة على وحدانيته، كما جعل سائر الخلق كذلك، فإن قالوا ذلك أقروا بخلقه.
¬__________
(¬1) سورة الأنعام الآية رقم 91، وقد جاءت الآية محرفة في المطبوعة حيث قال: (ما أنزل على بشر) دون ذكر لفظ الله.
(¬2) سورة الأنعام آية رقم 91.
(¬3) سورة الشعراء آية رقم 5.
Page 142