Muhammad Iqbal
محمد إقبال: سيرته وفلسفته وشعره
Genres
ولم يأل محمد إقبال - وهو في أوروبا - في لقاء العلماء والتحدث إليهم ومداولة الرأي معهم في قضايا من العلم والفلسفة. وكان كدأبه طول عمره مولعا بالقراءة والاستزادة من المعرفة جهد الطاقة.
حدثني الشيخ سيد طلحة، وكان أستاذا في جامعة بنجاب، قال: حدثني خادم مكتبة الجامعة أنه لم ير أحدا كإقبال حرصا على مطالعة الكتب والنظر فيها والاستزادة منها.
وكان إقبال في أوروبا ذلك الحين كثير التحدث عن الإسلام وثقافته وحضارته، وألقى محاضرات في الإسلام نشرتها الصحف الكبيرة، وقد دلت آراؤه وشعره من بعد، أنه لم يعجب بحضارة أوروبا، ولم يخل عليه تمويهها، ولا أبرق عينه لألاؤها. ومما أنشأ قبل عودته إلى الهند قوله:
يا ساكني ديار الغرب، ليست أرض الله حانوتا. إن الذي توهمتموه ذهبا خالصا سترونه زائفا، وإن حضارتكم ستبخع نفسها بخنجرها. إن العش الذي يبنى على غصن دقيق لا يثبت.
وكان بعد أن علم ما علم ورأى ما رأى في الهند وأوروبا يتنازعه طريقتان في الحياة؛ طريقة العمل وطريقة الفكر. وبدا له حينا أن يهجر الشعر ويغامر فيما يغامر الناس فيه، ولكن صديقه السير عبد القادر وأستاذه آرنلد حسنا له أن يدوم على نظم الشعر.
وما كان أعظمها خسارة للأدب الإسلامي وأدب العالم كله وللإنسانية جميعها لو هجر إقبال الشعر فلم يخرج للناس دواوينه التسعة.
الفصل الخامس
إقبال في وطنه
لبث إقبال في أوروبا زهاء ثلاث سنين، ثم رجع إلى وطنه سنة 1908م.
ولما مر بدلهي استقبله أصدقاؤه وعارفوه كما ودعوه قبل ثلاث سنين. وذهب إلى مزار نظام الدين أوليا كما ذهب إليه حين سفره إلى أوروبا.
Unknown page